غزة – تقرير خاص إذاعة صوت الوطن | شيماء ناصر الدرة
للعام الثاني على التوالي، يُحرم الآلاف من طلبة الثانوية العامة “التوجيهي” في قطاع غزة من التقدّم لامتحاناتهم المصيرية، بعد أن مزّقت آلة الحرب أحلامهم، ودمّرت مقاعدهم الدراسية، وألقت بهم في مراكز الإيواء وتحت الخيام، حيث يكابدون ظروفاً إنسانية قاسية تهدد مستقبلهم التعليمي بالكامل.
وكان من المقرر أن تُعقد الامتحانات في 13 إبريل/نيسان الماضي، لكن وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أعلنت تأجيلها بسبب استئناف العدوان الإسرائيلي في 18 مارس/آذار، وتصاعد الانهيار الأمني والإنساني، ما جعل العملية التعليمية شبه مستحيلة، وترك الطلبة في حالة من الترقب والإحباط.
أحلام معلّقة تحت الركام
مرح الخطيب، طالبة توجيهي، عبّرت عن خوفها من ضياع عامين دراسيين بسبب تأجيل الامتحانات ثلاث مرات، آخرها الشهر الماضي، ما انعكس سلباً على حالتها النفسية. تقول لإذاعة صوت الوطن: “أحلم فقط بأن تنتهي الحرب وأتمكن من دخول الامتحان وتحقيق حلمي في الجامعة”.
أما جنان الحطاب، التي تعيش في خيمة بمنطقة مواصي خانيونس، فتضطر يوميًا لقطع مسافة ثلاثة كيلومترات لحضور دروس في مبادرة تعليمية بديلة، رغم فقدانها الكتب والقرطاسية وضعف الإنترنت. وتقول: “أكافح لأدرس بنفسي، ولا قدرة لي على دفع تكاليف الدروس الخصوصية”.

الطالب أحمد دبور بدوره، كان من المفترض أن ينهي المرحلة الثانوية العام الماضي، لكنه لا يزال ينتظر، قائلاً: “تأجيل الامتحانات حرمني من دخول الجامعة في الوقت الطبيعي… لو أنهيت التوجيهي في موعده، لكنت الآن في سنتي الجامعية الثانية”.
واقع قاسٍ وقرار مؤلم
نحو 23 ألف طالب وطالبة من مواليد 2006 تأثروا بقرار تأجيل الامتحانات، وفق ما صرّح به محمد مسالمة، المدير العام للامتحانات في وزارة التربية والتعليم، مؤكداً أن “الحرب عطّلت المسيرة التعليمية، وحياة الطلبة أهم من الامتحانات”، مشيرًا إلى أن تحديد موعد جديد للامتحانات مرتبط بتحسن الظروف الأمنية.
ويصف إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، واقع التعليم في ظل الحرب بـ”الإبادة التعليمية”، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حوّل مرحلة التوجيهي إلى جدار يفصل الطلبة عن مستقبلهم، وأفقدهم حقهم الطبيعي في التعليم.
استهداف متعمد للتعليم
منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شكّلت المؤسسات التعليمية هدفاً مباشراً لآلة الحرب الإسرائيلية. وأعلنت وزارة التربية والتعليم أن أكثر من 785 ألف طالب وطالبة حُرموا من التعليم، بينما دُمرت 132 مدرسة وجامعة كلياً، وتضررت 348 مؤسسة تعليمية أخرى بدرجات متفاوتة، وتحولت مئات المدارس إلى مراكز إيواء.
وفي تقرير حديث للوزارة حتى 17 يونيو/حزيران الجاري، وثّقت استشهاد أكثر من 15,379 طالباً وإصابة 23,105 آخرين، ما يعكس حجم المأساة المستمرة بحق القطاع التعليمي في غزة.
جريمة حرب متواصلة
يأتي هذا الاستهداف المتعمد للتعليم كجزء من سياسة الاحتلال الرامية إلى تجهيل الشعب الفلسطيني وضرب أجياله المقبلة. فإلى جانب القتل والدمار، تسعى إسرائيل إلى تفريغ قطاع غزة من أبسط مقومات الحياة، وعلى رأسها الحق في التعليم، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني.
في ظل هذه الأوضاع الكارثية، لا تزال أحلام طلبة غزة معلّقة على أمل انتهاء الحرب، وعودة الحياة إلى مقاعد الدراسة، قبل أن تقضي آلة الحرب على مستقبل جيلٍ بأكمله.
الكلمات المفتاحية: غزة, حرب الإبادة, التعليم, التوجيهي.