في أعقاب اتفاق السلام الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل وحركة حماس في وقت سابق الشهر الجاري، يواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطا متنامية لإعادة تحديد دوره في الشرق الأوسط.
وأعربت المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي عن استعدادهما للانتقال من دور توفير المساعدات الإنسانية إلى دور سياسي فاعل، وأكثر نشاطا، في إعادة إعمار غزة والحكم في القطاع بعد انتهاء الحرب.
وتأمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي انقسمت بشدة منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في استعادة دورها الرائد في تنفيذ خطة السلام بغزة.
وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الاثنين الماضي، إن ضمان السلام في غزة سوف يكون أمرا “بالغ التعقيد”، وشددت على أن “خطة السلام تتطلب دعما دوليا واسعا كي تنجح”، وأن أوروبا تريد المساهمة بشكل كامل في ذلك. التشجيع ومساعي الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات.
ووقع رؤساء الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا وثيقة خلال قمة استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية بمشاركة أكثر من عشرين من قادة العالم، يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تهدف إلى تعزيز وقف إطلاق النار الحالي على أساس خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تتألف من 20 نقطة.
وبشكل عام، رحب قادة الاتحاد الأوروبي بخطة السلام.
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى أن التكتل سوف يواصل دعمه لتقديم المساعدات الإنسانية لغزة بسرعة وأمان، وقالت: “عندما يحين الوقت، سنكون مستعدين للمساعدة في التعافي وإعادة الإعمار”.
عملية إعادة إعمار غزة باهظة التكلفة وبحسب تقديرات، يجب إزالة أكثر من 55 مليون طن من الأنقاض من قطاع غزة الساحلي. وعلى مدار السنوات الثلاث المقبلة فقط، قد يكلف ذلك حوالي 17 مليار يورو (9ر19 مليار دولار). ولطالما أيد الاتحاد الأوروبي تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط. وقال وزير خارجية سلوفاكيا جوراج بلانار إن دبلوماسية براتيسلافا: “ستواصل تكثيف الجهود الإنسانية وتقديم الدعم السياسي للحفاظ على السلام”.
وقالت وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فاجون إنه في حين يتم تنفيذ الجزء الأول من خطة السلام الأمريكية لغزة بنجاح، من المهم أن ندرك “الوضع الهش والمعضلات” التي يجب أخذها في الاعتبار خلال مفاوضات المرحلة الثانية. حواجز على الحدود.
وأظهر التأخير في استئناف البعثة المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي لمراقبة معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، أن الحذر له ما يبرره. وكان من المقرر أن تستأنف البعثة عملها يوم الأربعاء الماضي، ولكن تم تعليقها، بعدما أصرت إسرائيل على أن تسلم حماس، أولا، رفات آخر الرهائن المتوفين لديها. وقال متحدث باسم كالاس في بروكسل إن بعثة الاتحاد الأوروبي لا تزال في حالة استعداد وسوف تنتشر عند معبر رفح الحدودي بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.
وأنشئت بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة على الحدود في رفح (EUBAM Rafah) في عام 2005 للمساعدة في مراقبة المعبر الحدودي الذي يقع جنوبي غزة. وتم تعليقها بعد عامين إثر سيطرة حماس على القطاع.
يشار إلى أن “ميناء رفح البري” في مصر، هو المعبر الحدودي الوحيد لقطاع غزة الذي لا يمر عبر الأراضي الإسرائيلية، ولا يزال مغلقا أمام حركة الركاب. كما أن إيصال المساعدات مباشرة من مصر إلى غزة غير ممكن حاليا. ومع ذلك، تدخل الشاحنات التي تحمل إمدادات المساعدات من الجانب المصري ثم يتم تحويلها إلى المعابر الحدودية في إسرائيل.
وتهدف البعثة إلى توفير وجود طرف ثالث، محايد، عند المعبر الرئيسي، وهي تضم شرطة من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا. وأعيد نشر البعثة لفترة وجيزة في يناير/ كانون الثاني الماضي، لكنها توقفت مجددا بعد شهرين.
وقال وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو في بيان إنه سمح باستئناف العمليات الإيطالية ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح المعبر بنفس الشروط التي كانت سارية في يناير/ كانون الثاني الماضي. وتعمل الحكومة الألمانية على إرساء أسس مشاركتها المحتملة في بعثة مستقبلية. توسيع الدور الأوروبي
وأعلن الاتحاد الأوروبي، المانح الرئيسي للفلسطينيين، التزامه بالمساعدة في إعادة إعمار غزة.
وقدمت بروكسل بالفعل أكثر من 550 مليون يورو للفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي أبريل/ نيسان، أعلنت المفوضية الأوروبية برنامجا متعدد السنوات بقيمة تصل إلى 1,6 مليار يورو لتغطية الفترة من 2025 إلى 2027.
وأعربت المفوضية عن استعدادها للتحرك إلى ما يتجاوز تقديم المساعدات فحسب، والمشاركة في ترتيبات فترة الحكم الانتقالي بغزة، عقب وقف إطلاق النار. ويشمل ذلك الاستفادة من البعثات الحالية للاتحاد الأوروبي في مجال أمن الحدود وتدريب الشرطة وبناء القدرات المؤسسية.
وقالت رئيسة المفوضية فون دير لاين عن خطة السلام: “نحن على استعداد للمساهمة في نجاحها بكل الوسائل المتاحة لدينا”، بما في ذلك “تقديم الدعم في مجال الحكم وإصلاح السلطة الفلسطينية”. كما أبدى الاتحاد الأوروبي نيته الانضمام إلى مجلس السلام الذي أنشأه ترامب، والذي سيشرف على تعافي غزة وإعادة إعمارها، مما يعكس رغبته في القيام بدور سياسي أكثر أهمية.
وقالت كالاس الأسبوع الماضي: “نعتقد أن أوروبا لها دور مهم، وأننا يجب أن نكون جزءا من ذلك”، مضيفة، خلال زيارة للكويت: “اعتقد أن أوروبا يجب ألا تكون مجرد دافع للمساعدات، بل يجب أن تكون أيضا طرفا فاعلا”. وفي وقت سابق هذا الأسبوع، فتح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الباب أمام إرسال قوات إسبانية لمراقبة السلام في غزة بعد وقف إطلاق النار، فيما وصفه بـ”وجود نشط”.
وفي الوقت الذي قال فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الأوروبيين “سوف يكثفون” جهودهم لتدريب ضباط الشرطة الفلسطينية في غزة، أشار أيضا إلى أن باريس لن تشارك في قوة الاستقرار التي سيتم تشكيلها. مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن السلام على المدى الطويل ليس من الواضح ما إذا كان اتفاق السلام سوف يؤدي إلى إنهاء القتال بين الجانبين على المدى الطويل، في ظل وجود قضيتين رئيسيتين: دور حماس في المستقبل، والمسألة الأوسع نطاقا المتعلقة بمن سوف يتولى إدارة القطاع.
وتصر إسرائيل والولايات المتحدة على أنه لا يمكن أن يكون لحماس أي دور في حكومة غزة المستقبلية.
وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أنه يجب نزع سلاح حماس وعدم السماح لها بممارسة أي نفوذ سياسي، مضيفا في تصريح للتلفزيون الألماني: “وسوف تكون مهمة الفلسطينيين هي الانفصال عن هذه المنظمة”.
كما قال متحدث باسم كالاس: “نؤكد مجددا، كاتحاد أوروبي، أنه يجب ألا يكون لحماس أي دور مستقبلي في إدارة قطاع غزة”.
وأكد ماكرون أن فرنسا ستلعب “دورا خاصا للغاية” في ضمان اندماج السلطة الفلسطينية في الحكم المستقبلي لغزة.
الكلمات المفتاحية: غزة, اروبا, اعمار.