في تطور يعكس خطورة التدهور الصحي الذي يعيشه قطاع غزة منذ أكثر من 22 شهرا من الحرب والحصار، أعلنت وزارة الصحة في غزة، امس الاثنين، تسجيل 3 شهداء جدد بمتلازمة “غيلان باريه” (Guillain-Barré Syndrome)، بينها حالتان لطفلين لم يتجاوزا الخامسة عشرة من عمرهما.
هؤلاء الشهداء ليسوا مجرد أرقام، بل دلالة على كارثة صحية صامتة تتفاقم في ظل غياب شبه كامل للأدوية والمستلزمات الطبية، وانهيار النظام الصحي بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر.
ما هي متلازمة غيلان باريه؟
تُصنَّف متلازمة غيلان باريه على أنها اضطراب عصبي نادر وخطير، يهاجم فيه الجهاز المناعي الأعصاب الطرفية، ما يؤدي إلى ضعف عضلي تدريجي قد يتطور إلى شلل كامل وفشل في التنفس. وفي حال عدم التدخل العلاجي السريع، قد تصبح المتلازمة قاتلة خلال أيام.
العلاج القياسي لهذه الحالات يتطلب علاجًا مناعيًا مكثفًا أو تبادل البلازما، إضافة إلى أجهزة دعم تنفسي، وهي تجهيزات شبه معدومة حاليًا في مستشفيات غزة.
انتشار مقلق في بيئة صحية منهارة
وأوضحت وزارة الصحة في بيانها أن الفحوص الطبية كشفت وجود فيروسات معوية غير شلل الأطفال، ما يشير إلى بيئة مثالية لانتشار أمراض معدية، في ظل انهيار البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ونقص اللقاحات، وتكدس السكان في مراكز الإيواء المكتظة.
وقالت وزارة الصحة إن هذا الوضع يجعل أي مرض معدٍ خارجًا عن السيطرة، ويحوّل غزة إلى بؤرة تهدد بانتشار أوبئة جماعية، خصوصًا بين الأطفال الذين يعانون أصلًا من سوء التغذية الحاد.
الأطفال الأكثر عرضة للموت البطيء
من بين الضحايا الجدد للمتلازمة طفلان لم يجدا فرصة للعلاج، إذ فشلت محاولات إنقاذهما لعدم توفر الأدوية المنقذة للحياة، فيما يحذر الأطباء من أن الأطفال المصابين بسوء التغذية والمناعة الضعيفة هم الأكثر عرضة لظهور مضاعفات سريعة، بما في ذلك الشلل الدائم أو الوفاة نتيجة فشل التنفس.
وتزامن ظهور هذه الحالات مع أرقام صادمة حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023:
60933 شهيدًا و 150027 مصابًا.
خلال 24 ساعة فقط: 94 شهيدًا و439 جريحًا.
عشرات الجثامين ما زالت تحت الأنقاض دون إمكانية انتشالها.
180 شهيدًا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينهم 93 طفلًا.
1516 شهيدًا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات (“شهداء لقمة العيش”).
تحذير من انهيار شامل
وزارة الصحة وجهت رسالة تحذير واضحة: “هذه ليست مجرد حالات وفاة.. بل إنذار بكارثة حقيقية مُعْدِية مُحتملة تهدد أطفال غزة وبيئتها الصحية بالكامل”.
وطالبت بتدخل دولي عاجل لتوفير الأدوية والعلاجات اللازمة، وفك الحصار فورًا، مؤكدة أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى انهيار شامل في النظام الصحي وانتشار أوبئة مميتة.
وفي الوقت الذي يحارب فيه أطفال غزة للبقاء على قيد الحياة في مواجهة القصف والمجاعة، جاء تهديد جديد في صورة مرض عصبي قاتل، يضيف فصلًا مأساويًا آخر لمعاناتهم.
متلازمة غيلان باريه ليست مجرد أزمة صحية، بل مؤشر على مستوى الانهيار الإنساني الذي بلغته غزة، حيث تتحول الأمراض النادرة إلى حكم إعدام، ليس بسبب شدتها فقط، بل لأن الحصار حرم المصابين من أبسط فرص النجاة.
الكلمات المفتاحية: القاتلة, شلل بطيء, يهدد, حياة الأطفال, غزة, متلازمة, غيلان باريه.