✍️ غزة – هداية محمد التتر
في عمق المأساة التي تعصف بقطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية قبل 21 شهرًا، تبرز معاناة جديدة تمزج الألم بالظلام: فقدان البصر.
تقرير صادم صدر عن مستشفى العيون التخصصي في القطاع، يؤكد أن أكثر من 1500 فلسطيني فقدوا القدرة على الإبصار، في حين يواجه ما بين 4000 إلى 5000 آخرين خطر فقدان بصرهم بشكل كلي أو جزئي، نتيجة لنقص العلاج والتجهيزات الطبية وانهيار منظومة الرعاية الصحية.
«ما الذنب الذي ارتكبناه؟»
على سرير العلاج في مستشفى العيون التخصصي، تستلقي الشابة سجى حميد (25 عامًا) بعد أن أصيبت بشظية في عينها اليمنى إثر قصف عنيف طال حي التفاح شرق مدينة غزة.
تروي سجى اللحظة التي غيرت حياتها:
> “انفجار عنيف هزّ المكان وكأنها أهوال يوم القيامة… استيقظت والدماء تغطي وجهي، لم أعد أرى بعيني، حاولت الوقوف لكني لم أستطع. أخي حملني إلى المستشفى وأنا لا أعرف ما الذي ينتظرني”.
سجى، التي لا تزال في ريعان شبابها، تنتظر عملية دقيقة لإزالة الشظية، على أمل ألا تفقد عينها للأبد.
الطفل محمد: حياة في الظلام
في مدينة بيت لاهيا شمال القطاع، تحوّلت لعبة بريئة إلى مأساة، عندما فقد الطفل محمد حجازي (7 أعوام) كلتا عينيه نتيجة انفجار جسم من مخلفات جيش الاحتلال.
يقول والده:
> “مزقت الشظايا مركز بصره، واضطر الأطباء لاستئصال عينه اليمنى… أما اليسرى فاحتفظوا بها على أمل حدوث معجزة”.
وقد تم نقل محمد إلى السعودية لتلقي العلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وسط محاولات لإعادة بعض الأمل إلى قلبه الصغير.
مأساة عائلة أبو حليمة
قصة أخرى من بيت لاهيا، حيث استهدفت غارة إسرائيلية خيمة عائلة نازحة. فقد الشاب علي (16 عامًا) عينه اليسرى، وأصيبت شقيقته فاطمة (6 أعوام) في عينها اليمنى، فيما استشهدت شقيقتهم الكبرى وأصيب الأب بكسور خطيرة.
تقول الأم:
> “ابني لا يستطيع تقبّل فكرة أنه بعين واحدة… وفاطمة لا تتوقف عن البكاء، وأي صوت مرتفع يرعبها”.
مستشفى العيون.. هدف عسكري!
أكد د. عبد السلام صباح، مدير مستشفى العيون التخصصي، أن الاحتلال دمر أجزاء واسعة من المستشفى منذ الشهر الأول للحرب، مما تسبب في تعطيله لـ13 شهرًا، وفقدان مئات المرضى للبصر نتيجة تأخر أو انعدام التدخل الطبي اللازم.
يقول الدكتور صباح:
> “نُجري حاليًا 7 عمليات فقط يوميًا، بعدما كنا نجري 20 عملية، بسبب نقص الكوادر والمعدات”.
ويحذر من أن آلاف المرضى مهددون بفقدان أبصارهم ما لم يتم توفير المستلزمات الجراحية والأجهزة التشخيصية والأدوية العاجلة.
أزمة نفسية موازية
من جانبها، أوضحت الأخصائية النفسية أنهار فرج الله أن فقدان البصر يترك أثراً نفسيًا بالغًا على المصابين، خاصة الأطفال والشباب، إذ يشعرون بالعجز والعزلة والاكتئاب.
وتقول:
> “لابد من دعم نفسي شامل، فالمصاب بحاجة لمساندة أسرته والمجتمع كي يتجاوز هذه المحنة ويبدأ بالتكيف مع واقعه الجديد”.
الكلمات المفتاحية: غزة, الابادة, إصابات العيون, العمى.