أخبار

23 نيسان 1969..23 نيسان 2025

wesam 4 مايو، 2025


Background
share close

كتب معتصم حمادة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، مقالاً، هذا نصه:

■ 23 نيسان ليس يوماً عادياً في تاريخ الشعب الفلسطيني، فهو تاريخ لحدثين متناقضين في السياق السياسي والنتائج والتداعيات لكل منهما.
• ففي 23 نيسان 1969 إنتفض الشعب الفلسطيني إلى جانبه شرائح واسعة من الشعب اللبناني وقواه السياسية الوطنية ضد سياسات القمع الدموي والتنكيل والإستبداد التي كانت تتعرض لها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على يد الأجهزة الأمنية الرسمية، كما إنتفض الشعب الفلسطيني، وإلى جانبه حلفاؤه اللبنانيون ضد سياسات الحصار التي حاولت الأجهزة الأمنية فرضها على الوجود الفدائي على الحدود مع فلسطين المحتلة، وصلت إلى حد التجويع، لرفض الفدائيين الإنجرار إلى حرب مع الأجهزة الأمنية اللبنانية.
شوارع وأزقة المخيمات الفلسطينية من نهر البارد في شمال لبنان إلى مخيم الرشيدية في جنوبه، تظاهرات الغضب تطالب باحترام الإنسان الفلسطيني، والتوقف عن المساس بكرامته الشخصية والوطنية، والتوقف عن إهانة النساء والشبان، والتحريض على القضية الفلسطينية، وإتهام الشعب الفلسطيني بأنه باع أرضه لليهود، وبأنه شعب جبان، خرجت النساء والفتيات قبل الرجال، خرج الأطفال قبل الشبان، والكل يهتف «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين»، كما يهتفون ضد التوطين ويصرخون «عائدون».
الوسيلة الوحيدة التي لجأت إليها الأجهزة الأمنية في التصدي للمتظاهرين المسالمين، بإطلاق الرصاص، فسقط شهداء وجرحى بينهم نساء وأطفال عجائز، واشتعلت حرب في المخيمات كلها، بين قوى عسكرية مدججة بالسلاح، ومدنيين عزل، أرهقهم الكبت والإستبداد والعسف والظلم.
ولعل ما حرك المخيمات ذلك اليوم تلك الأنباء الواردة من الجنوب عن حصار التجويع الذي تفرضه المؤسسة الأمنية على قواعد الفدائيين الفلسطينيين عند الحدود مع فلسطين المحتلة.
وامتد صدى هذا الحدث الكبير إلى المدن اللبنانية في صور وصيدا وبيروت، وطرابلس وبعلبك، فنهض لبنان ينتصر للقضية الفلسطينية، لظاهرة العمل الفدائي، ولحق مخيمات اللاجئين في العيش الكريم في مخيمات تليق بالإنسان، تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات ما يميزها عن غيرها من حظائر الحيوانات آنذاك، إذ كان كل شيء ممنوعاً:
• ممنوع الإستماع إلى إذاعتي دمشق والقاهرة.
• ممنوع الإستماع إلى الراديو بصوت مرتفع.
• ممنوع إستقبال الضيوف من خارج المخيم إلا بعلم الأجهزة الأمنية.
• ممنوع السفر إلى خارج المخيم إلا بإذن من الأجهزة الأمنية.
• ممنوع إصلاح المآوي (خاصة أسقف الزينكو في أوقات المطر) إلا بإذن من الأجهزة الأمنية – ولكل إذن سعره المعروف – أتاوات بلا حدود – فضلاً عن سياسة التشبيح، على بائعي الخضار واللحوم والأسماك، وعلى عمال البساتين العائدين إلى بيوتهم يحملون بعضاً من البرتقال والليمون الحامض أو الموز، إذ كان معظمه يصادر من قبل رجال الأمن بكل وقاحة.
سال الدم الفلسطيني وسال الدم اللبناني في 23 نيسان 1969، فاهتزت المنطقة، ووصلت التداعيات إلى عواصم العالم، واهتزت أركان الحكومة اللبنانية التي وقفت على أبواب الإستقالة لعجزها عن حل القضية التي إشتعلت نارها، ما أوضح أن ثمة خلافاً في الهرم القيادي اللبناني بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الحكومة، وبات لبنان كله في أزمة سياسية كبرى، خاصة وأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.
أمام ضغط التظاهرات وسيل الدماء في المخيمات، بادرت الأجهزة الأمنية إلى الفرار وأخلت مخافرها وصارت المخيمات تحت إدارة أبنائها.
• المدن اللبنانية التي سالت دماء أبنائها، أعلنت هي الأخرى الإضراب، ودعت رئيس الحكومة اللبنانية إلى الإستقالة حتى لا يتحمل وزر الجرائم التي ترتكب من الشمال إلى أقصى الجنوب.
وانتهت الأمور، كما هو معروف بتدخل القاهرة، بوساطة بين القيادتين اللبنانية والفلسطينية إنتهت إلى توقيع «إتفاق القاهرة» الشهير:
• الإعتراف بحق العمل الفدائي في العمل في جنوب لبنان.
• حق المخيمات في الإدارة الذاتية لشؤونها عبر لجان شعبية مدنية، وإدارة عسكرية يتولاها جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني، وبذلك حقق الوجود الفلسطيني إنتصاراً على واقعه السابق، وفتح صفحة جديدة شكل فيها الوجود الفلسطيني في لبنان جزءاً مهما من الحالة الوطنية الفلسطينية، إمتدت إلى عام 1982، أي مع الغزو الإسرائيلي للبنان.
23 نيسان 1969، سيبقى واحداً من المحطات التي يفتخر فيها تاريخ النضال الوطني الفلسطيني وتاريخ النضال الوطني والقومي لشعب لبنان الشقيق، نهضت المقاومة، ونهضت الحركة الوطنية اللبنانية بشكل متسارع.
• المحطة الثانية هي موعد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني. لن أزيد كثيراً على ما جاء في كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في اجتماع المجلس المركزي، من كونه دعي بقرار عربي غربي، وليس بقرار فلسطيني، وبدون تحضير وطني وبدون الاتفاق على مخرجاته، وخارج المألوف، وتعبيراً عن تفرد بالقرار الوطني، وفي ظل أوضاع فلسطينية تفترض أن يعقد بغير الطريقة التي عقد فيها.

لعل أبرز ما طرح فيه رسمياً، وقف المقاومة، تسليم سلاحها إلى إسرائيل، إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مجاناً، رفض خيار المقاومة والتمسك بـ«إتفاق أوسلو» وإلتزاماته، الرهان دوماً على الحل الأميركي، إستحداث منصب نائب رئيس نزولاً عند مطلب عربي، الإصرار على تعطيل قرارات المجلسين الوطني والمركزي، الإصرار على تعطيل «مخرجات بكين».

سادت أجواء المجلس المركزي حالة من الإحباط، خاصة بعد إنسحاب الجبهة الديمقراطية، والتي ألقت كلمة وضعت فيها النقاط على الحروف بشأن القضايا المصيرية المتعلقة بغزة، كالسلاح والأسرى اليهود ووقف المقاومة، والإحباط هو الجو المهيمن خاصة وأنه إلى جانب إنسحاب الجبهة الديمقراطية قاطع المجلس كل من الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية – القيادة العامة، ولم تدع له حركتا حماس والجهاد، وأقدمت رئاسة المجلس على الإنتقام من البعض بشطب عضويته في المجلس كما هو حال الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الفلسطينية الذي قاطع هو الآخر الدورة.

أسفرت نتائج الدورة 32 للمجلس المركزي عن حالة من الإنفلاش السياسي الفلسطيني، وحالة من الضبابية السياسية، بات النظر خلالها إلى البوصلة أمراً شديد التعقيد والصعوبة، فهل بات «إتفاق أوسلو» هو خيار الشرعية الفلسطينية في إنقلاب على مرحلة، تبنت فيها المؤسسة سياسة الخلاص منه منذ عام 2015 وحتى عشية إنعقاد الدورة الأخيرة؟.

وهل صار تسليم سلاح المقاومة، واستلام المقاومين هو الخيار السياسي الرسمي الذي دعا له المجلس المركزي، وهل تباعدت المسافات بين أطراف الحالة الفلسطينية، وافتقرت أطرافها إلى الحد الأدنى من لغة التقاطع في الرؤى والأفكار والسياسات.

وهل بتنا أمام أكثر من صيغة لحركة وطنية فلسطينية، واحدة حررت نفسها من إلتزامات حركات التحرر الوطني في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال وأخرى ما زالت على الوفاء للثورة وتاريخها وشهدائها وأسراها.

وإلى متى سوف يمتد هذا الوضع، أم أن هناك من يملك القدرة على محاصرة الخسائر والأضرار، والعمل الجاد لإعادة ترتيب الصفوف؟.

كل هذه الأسئلة وغيرها مطروحة بقوة على طاولة البحث ■

الكلمات المفتاحية: .

الخبر السابق
close

أخبار

القوات المسلحة اليمنية تعلن فرض حصار جوي على إسرائيل

wesam 4 مايو، 2025

صنعاء – أعلنت القوات المسلحة اليمنية، اليوم، أنها ستفرض حصاراً جوياً شاملاً على إسرائيل، رداً على ما وصفته بالتصعيد الإسرائيلي وتوسيع العمليات العدوانية على قطاع غزة. وجاء في بيان صادر […]

تفاصيل أكثر trending_flat