غزة – إذاعة صوت الوطن – تقرير خاص: شيماء ناصر الدرة|
تعاني عائلات النازحين في قطاع غزة من أزمة جديدة تضيف عبئًا إضافيًا إلى معاناتهم، إذ لجأ بعض الأفراد إلى استغلال حاجة النازحين واستئجار أراضٍ فارغة لإقامة خيام مؤقتة، مقابل مبالغ مالية كبيرة، في ظاهرة وصفها المواطنون بـ«غير الأخلاقية».
ويشير عدد من السكان إلى أن بعض المستغلين يستولون على أراضٍ حكومية أو غير مملوكة لهم، وينسبونها لأنفسهم، ثم يفرضون رسوماً على العائلات التي فقدت منازلها وممتلكاتها بسبب القصف والدمار الناتج عن الحرب الأخيرة.
«إما أن تدفع أو ترحل»
في مخيمات جنوب القطاع، واجه النازح هشام الحسيني (45 عامًا) موقفًا صعبًا حين طالب رجل يزعم ملكيته للأرض التي أقام عليها خيمته بدفع 500 شيكل شهريًا تحت تهديد الرحيل. وقال الحسيني لإذاعة صوت الوطن: «وجدت الأرض فارغة ونصبت خيمتي مع عدد من النازحين مثلي، لكن بعد شهور جاء رجل يزعم أنها ملكه، ولم يُثبت كلامه، ومع ذلك أُجبرت على الدفع».
ولا يواجه الحسيني وحده هذه المعاناة؛ فمئات النازحين في غزة مضطرون لاستئجار مساحات صغيرة من الأراضي، سواء كانت خاصة أو حكومية، بأسعار باهظة، مقابل مكان للإقامة المؤقتة.
مشقة مضاعفة للنساء الأرامل
الأرملة أم سائد نصّار (45 عامًا) اضطرت لدفع 550 شيكلًا شهريًا مقابل قطعة أرض ضيقة تكفي لخيمتها وأفراد أسرتها الستة. قالت نصّار لإذاعة صوت الوطن: «بعت خاتم زواجي لأؤمّن تكاليف النقل والنزوح، والآن أدفع إيجار مئة متر بلا ماء أو كهرباء أو أي خدمات أساسية».
ويعتبر استئجار الأراضي الزراعية عبئًا مضاعفًا على النساء الأرامل المعيلات لأسرهن، في ظل غياب دخل ثابت وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
إرهاق نفسي متصاعد
ويرى المختص النفسي عرفات حلس أن الوضع النفسي للنازحين أصبح هشًّا للغاية، مع تزايد الضغوط الاقتصادية، مثل تكلفة الخيام والماء واستئجار الأراضي. وقال حلس لإذاعتنا: «النازحون يعيشون حالة تيه وضياع، ويتنقلون بين المخيمات، لكنهم يفتقدون الأمان الداخلي، كما أن غياب الحاضنة الاجتماعية أضعف قيم التضامن التي ميّزت المجتمع الغزي»
نصب واحتيال قانوني
من الناحية القانونية، يُعد تأجير الأراضي الحكومية من قبل أفراد مخالفة صريحة للقانون، وفقًا للبند (43) لعام 2021، الذي ينص على أن أي تصرّف في هذه الأراضي لا يتم إلا بقرار من سلطة الأراضي.
وقال المحامي فريد لولو لإذاعة صوت الوطن: «استغلال حاجة النازحين يُعدّ نصبًا واحتيالًا، وغياب قوة قادرة على ردع هؤلاء المستغلين يجعل الأسر رهائن للضرورات اليومية».
مبادرات مجتمعية للتخفيف من الأزمة
وأكد عاكف المصري، مفوض عام العشائر والقبائل في غزة، أن استغلال حاجة الناس وتأجير الأراضي بأسعار مرتفعة «فعل مشين» ومرفوض اجتماعيًا، مشيرًا إلى أن العشائر تبذل جهودًا للحد من هذه الممارسات من خلال عقد جلسات توعية وحث المجتمع على التكافل.
وفي المقابل، لاقت مبادرات إنسانية إشادة واسعة، حيث فتح العديد من الأهالي بيوتهم وأراضيهم مجانًا لاستقبال النازحين، مؤكّدين أن التضامن الشعبي يشكّل دعامة أساسية للنازحين في مواجهة الحرب والتهجير.


الكلمات المفتاحية: غزة, النازحون الفلسطينيون, استئجار الأراضي, خيام مؤقتة, الانتهاكات القانونية, Gaza displacement.