• الرئيسية
  • keyboard_arrow_right أخبار
  • keyboard_arrow_right سيرة صحافي شجاع: أنس الشريف والاتهامات الإسرائيلية المزعومة.. كل المراسلين الحربيين هم جنود

أخبار

سيرة صحافي شجاع: أنس الشريف والاتهامات الإسرائيلية المزعومة.. كل المراسلين الحربيين هم جنود

Loay 21 أغسطس، 2025


Background
share close

قالت المعلقة في صحيفة “نيويورك تايمز” ليديا بولغرين، إن الصحافي الفلسطيني الحائز على جائزة بوليتزر الأمريكية المرموقة، أنس الشريف، كان “صوت ووجه غزة” قبل أن تغتاله إسرائيل.

وقالت الكاتبة في مقالها: ” قبل أحد عشر يوما، اغتالت إسرائيل صحافيا حائزا على جائزة بوليتزر، كان شابا وأصبح فجأة وجها وصوتا لأهل وطنه اليائسين في غزة. ففي تقارير آسرة على قناة الجزيرة وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وثق أنس الشريف الهجوم الإسرائيلي المتواصل على المدنيين، منهارا أمام الكاميرا وهو يغطي المجاعة المتفاقمة”.

كان أنس يبلغ من العمر 28 عاما، وكان متزوجا وأبا لطفلين صغيرين، قُتل هو وأربعة من زملائه من قناة الجزيرة وصحافي مستقل واحد على الأقل في غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمةً صحافية خارج مستشفى في مدينة غزة.

وتقول بولغرين إن الجيش الإسرائيلي لم يحاول التستر على هذه الغارة الوقحة ضد المدنيين والتي تعتبر جريمة حرب. بل زعم أن الشريف لم يكن مدنيا على الإطلاق. وزعم، دون أي دليل يذكر، أنه كان قائد خلية تابعة لحماس، وأن عمله الصحافي كان مجرد غطاء لهذا الدور السري. أما الذين قُتلوا معه وهم محمد قريقع وإبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، فكانوا على الأرجح ضحايا جانبية مقبولة في ملاحقة هذا الهدف.

الجيش الإسرائيلي لم يحاول التستر على هذه الغارة الوقحة ضد المدنيين والتي تعتبر جريمة حرب. بل زعم أن الشريف لم يكن مدنيا على الإطلاق.

وتحول معظم قطاع غزة الصغير إلى أنقاض، وأُجبر معظم السكان الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة على النزوح أكثر من مرة. ومنذ أن أنهت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار في آذار/ مارس، منعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة التي يعاني سكانها حسب الأمم المتحدة من المجاعة أو يسيرون نحوها.

وتعلق بولغرين، أن مقتل الشريف قد يكون مأساة فردية وسط كل هذه المعاناة، ولكنه جاء في وقت تحضر فيه إسرائيل لهجوم شامل للسيطرة على مدينة غزة. وكما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بأنه ينوي احتلال غزة بأكملها في مواجهة إدانة عالمية متزايدة، إلا أن مقتل الشريف، مثل مقتل زميله مراسل “الجزيرة” حسام شبات في آذار/ مارس، يمثل مرحلة جديدة مشؤومة في الحرب.

وقالت بولغرين إن إسرائيل ولتبرير تدميرها الوحشي لغزة، وإنهاء تهديد حماس المزعوم، التي تقول إنها تستخدم المدارس والمستشفيات والمنازل والمساجد، لم تعد تكتفي باتهام الصحافيين الأفراد بأنهم مقاتلون في حماس، بل تعترف علنا بقتلهم في هجمات مستهدفة، وبناء على أدلة مزعومة يكاد يكون من المستحيل التحقق منها.

وتضيف أن الحملة الجديدة خلقت مبررا للتخلص من آخر الصحافيين الذين لديهم منابر تكون شاهدة، وتنشر الخوف في قلوب أي شخص يحاول أو يفكر في تولي مهمة مَن سقطوا من الصحافيين. وتضيف أن استهداف الصحافيين كشف عن الطريقة والمنطق الوحشي الذي تدير من خلاله إسرائيل الحرب: لو كانت حماس في كل مكان، فعندها أي شخص في غزة هو حماس، و”هذه حرب بلا حدود وربما لن يتبقى قريبا أي صحافي يكون شاهدا على الرعب”.

وتقول الكاتبة: “لطالما سكنني الإعجاب بالصحافيين الذين يجدون وطنهم في ظل الهجمات. قضيت سنوات في مناطق الحروب كمراسلة أجنبية، أعمل جنبا إلى جنب مع نخبة من أشجع وأفضل الصحافيين الذين قابلتهم في حياتي، وكنا منخرطين في العمل نفسه وجوهره: محاولة مساعدة العالم على فهم معاناة تبدو غير مفهومة. وبصفتي أمريكية أعمل لدى مؤسسة إخبارية أمريكية، وقفت على نفس خطوط المواجهة في الكونغو، ودارفور، وكشمير، وأماكن أخرى. لكنني كنت أعود إلى الوطن سالمة، بينما هم يظلون يكافحون مع الجميع من أجل البقاء”.

وتضيف أن هناك فرقا آخر بينها وبين الصحافيين في محاور الحرب التي غطتها، فهي من جهة اختارت مهنة الصحافة لكن الصحافيين في مناطق الحرب وجدوا أن المهنة هي من اختارتهم. وهذه هي قصة محمد مهاوش، شاب من مدينة غزة. فعندما هاجمت حماس إسرائيل، كان يحلم بالعمل في الفنون. تخرج من الجامعة الإسلامية في غزة، حيث درس اللغة الإنكليزية والكتابة الإبداعية، وكان يأمل في كتابة الأدب والشعر. وبدلا من ذلك، وجد نفسه يعمل صحافيا في قناة “الجزيرة” الإنكليزية. وأخبرها أن ما دفعه للعمل الصحافي هو “شعور بالواجب تجاه شعبه والمسؤولية لمدينته التي دمرت”. وأضاف: “لم أتخيل أبدا تولي المسؤولية أو أكلف بالمسؤولية للكتابة خلال الدمار والموت والفقدان والمأساة”.

إسرائيل ولتبرير تدميرها الوحشي لغزة، لم تعد تكتفي باتهام الصحافيين بأنهم مقاتلون في حماس، بل تعترف علنا بقتلهم في هجمات مستهدفة

ولأن غزة مدينة صغيرة، فقد تعرف على الشريف وهما يكافحان في تغطية الكارثة التي تتكشف أمامهما. ووصف مهاوش زميله الشريف بالقول: “كان فعلا شابا شجاعا”. وقبل الحرب، ركز عمله على الثقافة والحياة اليومية و”كان يغطي عائلات تحلم بالأمل وعائلات تتزوج، وأشخاصا يحتفلون بإنجازاتهم وآخرين يستمتعون بحياتهم اليومية. لم يرد قط، أو يطمح، أن يكون مراسلا يحمل مسؤولية شعبه بأكمله”.

وقد ترك العمل أثره على الشريف، ويتذكر مهاوش قائلا: “أتذكر مرات عديدة عبّر فيها علنا وأحيانا مع زملائه في غزة عن مدى جوعه. كم كان متعبا ومنهكا ومرعوبا ومذعورا، كان خائفا للغاية طوال الوقت. كان يشعر بأنه مراقب ومطارد ومستهدف”.

وبحسب القانون الدولي، يعتبر الصحافيون مدنيين، لكن إسرائيل قتلت منذ بداية الحرب أكثر من 192 صحافيا وإعلاميا، بحسب أرقام لجنة حماية الصحافيين في نيويورك. ويقول مهاوش إنه قرر في مرحلة ما التوقف عن ارتداء سترة الصحافة التي أصبحت مثل الهدف على ظهره. وغادر مهاوش غزة العام الماضي، وكان مقتل الشريف الذي جاء بعد سلسلة من التهديدات التي أصدرها الجيش الإسرائيلي، بمثابة الضربة: ” في النهاية قرر التضحية بنفسه.. لم أعد قادرا على ندب الأصدقاء والرفاق”.

وتقول بولغرين إن مقتل الشريف والصحافيين الفلسطينيين قوبل برد صامت من الإعلام الغربي الذي كان سريعا في شجب مقتل صحافيين مثل جمال خاشقجي في تركيا، واعتقال ومقتل صحافيين في روسيا. بل الأدهى من ذلك، فقد بدا الإعلام وكأنه يعطي وزنا للاتهامات الإسرائيلية رغم غياب الأدلة القوية. وأخبر مهاوش الكاتبة بأنه شعر بالفزع لرؤية العديد من المؤسسات الإخبارية حول العالم تكرر مزاعم إسرائيل بأن صديقه قتل لأنه كان عضوا في حماس. وقال: “المؤسف في هذا الأمر أنه يخبرني أن هناك صحافيين في العالم يبررون قتل صحافيين آخرين”.

وتتناول بولغرين النظرة للصحافيين المحلييين الذين يعملون من داخل مجتمعاتهم ومعرفتهم العميقة بطبيعة النزاع وما يجري، مقارنة معها كصحافية أجنبية. وكانوا يدركون كيفية التنقل بأمان عبر المناطق الخطرة ولديهم الاتصالات وخبرات أساسية ساهمت في إثراء تغطيتها كصحافية من الخارج. وفي الوضع المثالي، فإن التعاون يفضي إلى علاقات متبادلة ومنفعة وتكافل بين الصحافيين المحليين ونظرائهم الدوليين. لكن في بعض الأماكن، قد ينظر إلى ما هو خبرة بطريقة أكثر قتامة.

مقتل الشريف والصحافيين الفلسطينيين قوبل برد صامت من الإعلام الغربي، بل الأدهى من ذلك، فقد بدا الإعلام وكأنه يعطي وزنا للاتهامات الإسرائيلية رغم غياب الأدلة القوية

وفي هذا السياق استعانت الكاتبة بفيلم عن الحرب في أوكرانيا بعنوان “2000 متر إلى أندرييفكا” حيث يرافق صحافيان أوكرانيان مجموعة من الجنود الأوكرانيين عبر ممر ضيق من الغابة أثناء محاولة استعادة قرية من القوات الروسية. وتقول إنه فيلم خانق ومرعب، تدور أحداثه في المخابئ والخنادق.

وفي إحدى اللحظات، يلاحظ مخرج الفيلم، الحائز على جائزتي بوليتزر وأوسكار، مستيسلاف تشيرنوف، التشابه بينه وبين الصحافي والضابط الشاب الذي يجري معه المقابلة. يقول تشيرنوف إن الجندي حمل بندقية، بينما حمل هو كاميرا. وسعى كل منهما، بوسائل مختلفة، للدفاع عن كرامة وسيادة الشعب الأوكراني. ولو استهدف تشيرنوف، الذي يعمل في وكالة أسوشيتد برس، أو تعرضت سمعته للتشويه من قِبل الدولة الروسية، لما تردد الصحافيون في جميع أنحاء العالم في دعمه ورفض أي ادعاءات ضده باعتبارها دعاية. وسأكون من أوائل من ينضمون إلى أي حملة للدفاع عنه، وفق ما تقول الكاتبة.

وبناء على هذه النظرة تحاول بولغرين تحليل المزاعم الإسرائيلية ضد الشريف، وتقول إن الأدلة المقدمة للرأي العام ضعيفة وتتألف من لقطات شاشة لجداول بيانات وأرقام خدمة مزعومة ومبالغ مالية قديمة لم يتم التحقق منها بشكل مستقل. وقالت إيرين خان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، عندما قتلت غارة جوية إسرائيلية أخرى صحافيا آخر من قناة الجزيرة ومصوره العام الماضي: “يبدو أن الجيش الإسرائيلي يوجه اتهامات دون أي دليل ملموس كذريعة لقتل الصحافيين”. وكان الشريف قد نشر تقريرا عن مقتل الصحافيين السابقين.

وفي مقابلات أُجريت قبل وفاته، ناشد الشريف المساعدة والسلامة. وقال للجنة حماية الصحافيين: “كل هذا يحدث لأن تغطيتي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة تلحق الضرر بهم وتشوه صورتهم في العالم. يتهمونني بالإرهاب لأن الاحتلال يريد اغتيالي معنويا”.

أنس الشريف: كل هذا يحدث لأن تغطيتي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة تلحق الضرر بهم وتشوه صورتهم في العالم. يتهمونني بالإرهاب لأن الاحتلال يريد اغتيالي معنويا

وتقول بولغرين: “حتى لو أخذنا مزاعم إسرائيل على محمل الجد، وهو ما لن أفعله إطلاقا، نظرا لسجل إسرائيل الحافل، وافترضنا أن الشريف انضم إلى حماس بشكل أو بآخر في عام 2013، وهو في السابعة عشرة من عمره، فماذا نفعل بهذا الاختيار؟ كانت حماس آنذاك السلطة الحاكمة في وطنه منذ عام 2006. وكانت تدير جهاز الدولة بأكمله في منطقة صغيرة. وكتب طارق بقعوني، مؤلف كتاب عن حماس: “إنها حركة ذات بنية تحتية اجتماعية واسعة ومرتبطة بالعديد من الفلسطينيين غير المنتمين إلى برامج الحركة السياسية أو العسكرية”.

ولو نظرنا بشكل أعمق في أدلة إسرائيل أن الشريف كما تزعم لعب دورا عسكريا قبل أن يصبح صحافيا. فتاريخ المراسلين الحربيين حافل بأمثلة على مقاتلين تحولوا إلى مراسلين، ولعل أشهرهم، جورج أورويل، الذي وثق حياة جنود أثناء قتالهم في الحرب الأهلية الإسبانية وأصبح مراسلا حربيا.

وفي هذه الأيام، ينظر إلى الخدمة العسكرية على نطاق واسع على أنها ميزة كبيرة بين مراسلي الحرب الأمريكيين. وبعيدا عن اعتبار من خدموا في الجيش متحيزين بشكل لا يحتمل، يقدر المحررون، عن حق، الخبرة والمنظور اللذين يكتسبهما هؤلاء المراسلون من تجاربهم، ويثقون بهم لإعطاء الأولوية لدورهم الجديد كمراقبين صحافيين.

وفي إسرائيل، يطلب من معظم الشباب الخدمة في الجيش، لذا فإن الخبرة العسكرية شائعة بين الصحافيين. واستدركت بولغرين قائلة إن الكثيرين سيحتجون ويقولون إن حماس لا تشبه الجيش النظامي للدولة، صحيح كما تقول، لكن هذا لا يحلل إسرائيل من المسؤولية عن استمرار هجومها في غزة وعدم اهتمامها بالأدلة عن هجوم مقبل لها.

الكلمات المفتاحية: .

الخبر السابق
close

أخبار

تل أبيب تصنّف 63 موقعاً في الضفة على أنها “أثرية إسرائيلية”

Loay 21 أغسطس، 2025

رام الله: أفادت مؤسسة بحثية فلسطينية، الأربعاء، بأن الجيش الإسرائيلي أعلن 63 موقعاً أثرياً فلسطينياً في الضفة الغربية “مواقع أثرية إسرائيلية”، في خرق واضح للقانون الدولي وانتهاك صارخ للالتزامات الدولية. […]

تفاصيل أكثر trending_flat