✍️ تقرير: حنين الجاجة – غزة | خاص لإذاعة صوت الوطن
في مشهد يلخّص المأساة الفلسطينية التي فاقت حدود التحمل، تحوّلت مقبرة الشيخ رضوان بمدينة غزة إلى مأوى قسري لعشرات العائلات النازحة، بعدما دفعتها الحرب المستعرة إلى حافة الحياة… والموت.
فوق التراب وبين القبور، نُصبت أكثر من خمسين خيمة، تأوي نساءً وأطفالًا يعيشون في ظروف قاسية وغير آدمية. لا مياه صالحة، لا كهرباء، لا دورات مياه. فقط رائحة موت، وأفاعٍ تتسلل ليلًا، وذُباب وبعوض، وكلاب ضالة تحاصر الخيام، بينما السماء لا تكفّ عن إرسال الطائرات.
يقول أبو إسماعيل، أحد النازحين المقيمين في الخيام لإذاعة «صوت الوطن»:
«المنطقة مليانة أفاعي، والريحة خانقة، وكل ليلة بنعيش رعب جديد… حتى وإحنا مدنيين، الطيارات بتمرّ فوق روسنا وكأننا هدف.»
قبل أيام، قُصفت خيمتان في المقبرة، وسقط شهداء من بين النازحين، رغم عدم وجود أي نشاط عسكري في المنطقة. وتقول إحدى السيدات لإذاعة «صوت الوطن»:
«حتى وإحنا هون، بين القبور، القصف ما تركنا.»

أما أم محمد، وهي نازحة وأم لأطفال، فتقول لإذاعة «صوت الوطن» وهي تغسل أوانيها في وعاء بلاستيكي بمياه غير صالحة للشرب:
«صرنا نخاف من الميّه زي ما بنخاف من الصواريخ. بنشربها واحنا عارفين إنها ممكن تمرض ولادنا.»
الخيام بين القبور باتت واقعًا قاسيًا لنحو مئة نازح، نصفهم أطفال، يعيشون بلا خصوصية، بلا مدارس، بلا أدنى مقومات الحياة. الليل طويل والنهار حارق، والحياة أشبه بانتظار دائم لانفجار أو لدغة أفعى.
في مقبرة الشيخ رضوان، لا فرق بين الأحياء والأموات. المكان لم يعد مخصصًا للراحة الأبدية، بل بات مأوى اضطراريًا لأناس ما زالوا يتمسكون بكرامتهم وسط الخراب.

هنا غزة، وهنا صوت الحياة من قلب الموت.
من المقابر نبثّ الصوت، وننقل الحقيقة كما هي، بلا رتوش ولا وعود زائفة.
إذاعة صوت الوطن – صوت الناس في زمن الحرب.
الكلمات المفتاحية: غزة, الإبادة, خيام النازحين, المقابر.