تقرير خاص – إذاعة صوت الوطن | إعداد: شيماء ناصر الدرة
في قطاع غزة الجائع والمحاصر، لم تعد المساعدات الإنسانية تبعث الحياة، بل باتت فخاخًا مميتة، يزرع الاحتلال عبرها الرصاص بدلًا من الخبز، والموت بدلًا من الإنقاذ. فكل سعي وراء كيس دقيق أو علبة غذاء، تحول إلى مغامرة دامية محفوفة بالخطر والذل.
عبر مؤسسة حديثة النشأة تُدعى «مؤسسة غزة الإنسانية»، تدار من قبل جنود أميركيين سابقين ومرتزقة بلا سجل إغاثي أو ترخيص أممي، يتم توزيع ما يُسمى بـ«المساعدات الأميركية»، في مواقع أقرب إلى ساحات إعدام جماعية منها إلى مراكز إنسانية. في كل ليلة، ومنذ منتصف الليل، يبدأ الآلاف في التجمهر بحثًا عن طوق نجاة غذائي، ليصطدموا بأهوال الازدحام والقمع والإهانة، وأحيانًا القنص المباشر.
🎙️ عبد الهادي مسلم، أحد شهود العيان، قال لإذاعة صوت الوطن: «هذه ليست مراكز إغاثة بل مصائد موت تُصطاد فيها أرواح الجائعين»، مشيرًا إلى أن النظام المذل المتبع يجبر المحتاجين على قطع عشرات الكيلومترات، في حين تُبالغ المؤسسة في أرقام المستفيدين لتضليل الرأي العام.

وأفاد اثنان آخران ممن التقتهم الإذاعة بأن الرصاص كان يتطاير فوق رؤوسهم أثناء التوجه لتسلّم المساعدات أو مغادرتها، وأكدوا مشاهدتهم جثثًا ملقاة على الطرق المؤدية إلى مواقع التسليم.
📊 مجزرة ممنهجة
بحسب المهندس زاهر الوحيدي، مدير وحدة المعلومات الصحية بوزارة الصحة، فإن أكثر من 126 شهيدًا ارتقوا في محيط هذه المراكز، معظمهم بطلقات في الرأس أو الصدر، ما يدل على تعمّد القتل لا إطلاق نار تحذيري. وأشار إلى أن تلك المواقع تنفذ دورًا أمنيًا استخباراتيًا مشبوهًا تحت غطاء إنساني.
وأكد المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا أن المراكز تحولت إلى نقاط اختفاء قسري، مطالبًا بلجنة تحقيق دولية لكشف مصير العشرات، ومحاسبة الجهات الداعمة للمؤسسة في تل أبيب وواشنطن.
🧠 هندسة سياسية للتجويع
المحلل السياسي محمد أبو دياب رأى أن آلية توزيع المساعدات جزء من «هندسة سياسية تهدف لإدامة الجوع وتفكيك المجتمع الفلسطيني»، منتقدًا تغييب مبادئ الحياد والنزاهة والاستقلالية في العمل الإنساني.
وأشار إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه المؤسسة إلى تقويض وكالة الأونروا، وخلق بدائل تابعة لها، وتغذية الفوضى وتمكين شبكات العملاء.
📣 تحذيرات دولية
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ندد بـ«مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، معتبرًا أن هدفها تحويل الجوع إلى أداة قتل ممنهجة، واتهم المجتمع الدولي «بالاستسلام المهين» لإرادة الاحتلال.

كما عبّر فيليب لازاريني، المفوض العام لوكااة الأونروا، عن رفضه لما وصفه بـ«الآلية المهينة» لتوزيع المساعدات، معتبرًا أن تجاوز إسرائيل للمنظمات الأممية عمّق المأساة بدلًا من تخفيفها.
🚫 جوع لإجبار الناس على الرحيل
تواصل إسرائيل سياسة تجويع متعمدة بحق 2.3 مليون فلسطيني منذ 2 مارس الماضي، عبر إغلاق المعابر واستبعاد وكالات الأمم المتحدة من التوزيع، وتكليف مؤسسة مرفوضة دوليًا بتوزيع مساعدات شحيحة.
🔚 الرد الأخلاقي
لا يكفي الشجب، بل المطلوب هو فضح المشروع بالكامل، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تحويل العمل الإنساني إلى غطاء لجرائم حرب، ومنع تسييس المساعدات وتحويلها إلى أدوات للإبادة الجماعية.
الكلمات المفتاحية: فخاخ دامية, شيماء الدرة, غزة, المساعدات الإنسانية, حرب الإبادة, إذاعة صوت الوطن, الجوعى.