خاص إذاعة صوت الوطن/ شيماء الدرة
أكوام النفايات أصبحت كالجبال في شوارع مدينتنا المهدمة ، حشرات تتطاير عليها وتنقل الأمراض بين السكان النازحين من بيوتهم بفعل آلية القصف المتواصل وما رافقه من موجة نزوح هائلة لمئات الآلاف من المواطنين، بينما يتجه بعض الأشخاص إلى حرق النفايات فتنطلق سحب من الدخان الأسود يرافقها انبعاث روائح كريهة في المكان؛ بمثابة قاتل صامت يفتك بأرواح سكان القطاع ليفاقم من معاناتهم مع الموت والفقد يوماً بعد يوم.
أزمات متواصلة
أزمات متواصلة خلفتها الحرب المستمرة على قطاع غزة، أثرت وأضرت بقطاعات كثيرة، أبرزها قطاع البلديات الذي يقدم الخدمات للمواطنين ويقلل من أزماتهم، لكن البلديات ومنشآتها كان لها نصيب كبير من الدمار الذي لحق بالقطاع، بفرض الحصار عليها، ومنع إدخال الوقود والمعدات لها، لتكون هذه الأزمة جزءًا من أدوات الحرب المتواصلة على قطاع غزة ما ينذر بكارثة بيئية كبيرة.
مأساة لا تتوقف
«حياتنا داخل هذه الخيمة وبجانب أكوام القمامة ليست حياة تناسب البشر»، هكذا وصفت الفلسطينية أم محمود طه حال مخيم النزوح بمخيم البريج وسط قطاع غزة الذي تقطنه رفقة عائلتها النازحين من حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، مشيرةً إلى أن المعاناة التي تعيشها العائلة بفعل تراكم النفايات وانتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة، لا سيما أن هناك مرضى وأطفال ومعاق ومسن مريض بين أفراد العائلة.
وتضيف المواطنة أم محمد الهندي: «لم نتمكن من الجلوس في الخيمة من رائحة القمامة وانتشار الذباب، لدينا أطفال لا يستطيعون الجلوس ولا النوم من الذباب»، مطالبًة المؤسسات المعنية بمساعدة البلديات للحفاظ على نظافة الشوارع، ومراكز النزوح، لتفادي الأزمة الصحية للنازحين.
حرق النفايات
وتضاعف هذه الممارسات من معاناة النازحين، حيث ينجم عنها تأثيرات سلبية على صحتهم بسبب الروائح الكريهة الضارة التي تنبعث أثناء حرق النفايات، بيهم المسنة الفلسطينية النازحة بمخيم البريج أم رمزي الخالدي (71 عاما) التي تعاني من مشكلات في الجهاز التنفسي الناتج عن انتشار روائح النفايات الكريهة والدخان في المنطقة.
وقالت الخالدي لإذاعة «صوت الوطن»: «أعاني من ضيق في التنفس، والسعال ومشكلات أخرى بالصدر بسبب روائح النفايات والدخان التي انتشرت بشكل كبير في الشوارع والطرقات ومخيمات النزوح»، وأوضحت أنه «في فترة المساء، ينتشر البعوض والقوارض وحشرات أخرى، مما يسبب لها إزعاجًا بالغًا و للنازحين بين الخيام».
استمرار الحرب
من جانبه، عبر النازح سند العامودي النازح في إحدى مخيمات المحافظة الوسطى لإذاعة «صوت الوطن» عن استيائه الشديد من انتشار أكوام النفايات في كل مكان وتطاير عليها الحشرات، لما يسببه هذا الأمر من أمراض للمواطنين ولا سيما الأطفال الصغار، مؤكداً أن الأمر خارج عن إرادة البلديات تحديداً بعد قصف سياراتها وشاحناتها الخاصة بجمع النفايات، ورش الشوارع لقتل الحشرات.
وأوضح العامودي أن البلديات تقوم بواجبها بأقل القليل، ولكن حجم النفايات كبير والوصول لأماكن تجمعها صعب بسبب توغل جيش الاحتلال في تلك الأماكن، مبيناً أن تراكم النفايات وعدم إدخال المستلزمات لجمعها توثر على صحة المواطنين ولا سيما الأطفال.
وتابع «كلنا نعاني من رائحة القمامة في هذه الحرب، الشوارع، والأزقة، ومراكز النزوح، مدارس الايواء تلوح منها رائحة القمامة، والسبب واحد استمرار الحرب»، مطالبًا المؤسسات التي تتغنى بحقوق الإنسان القيام بواجباتها لحماية الإنسان الفلسطيني، والحفاظ على صحته، والعمل على دعم البلديات للقيام بواجباتها.
فقدان السيطرة
وفي السياق؛ قال منسق اتحاد بلديات قطاع غزة حسني مهنا إن «البلديات وسط وجنوب القطاع فقدت السيطرة على الخدمات الأساسية، بسبب الزيادة الهائلة في أعداد النازحين، في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال حرب الابادة بحق سكان قطاع غزة» .
وبين أن «ظاهرة المكبات العشوائية للنفايات انتشرت في رفح ودير البلح، بسبب ازدياد كمية النفايات اليومية بشكل كبير جداً بفعل الزيادة الكبيرة في أعداد النازحين، وعدم قدرة الطواقم على التعامل معها».
وأكد مهنا أن بلديات قطاع غزة لم تصل إليها الأدوات اللازمة ولا الكميات الكافية من الوقود من أجل جمع النفايات والتقليل منها، ومنع أضرارها، مبيناً أن البلديات كانت تقوم برش الشوارع والأزقة بالمواد اللازمة لمنع انتشار الحشرات وأبرزها حشرة البعوض.
جبال من النفايات
حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من تداعيات صحية وبيئية خطيرة على سكان شمال القطاع، على خلفية التلوث البيئي غير المسبوق الذي خلفه تكدس جبال نفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل جراء القصف الإسرائيلي.
وكشف المكتب الحكومي في بيان أن «مناطق شمال قطاع غزة تتعرض لمكرهة صحية وتلوث بيئي غير مسبوق ينذر بتداعيات صحية وبيئية خطيرة على أكثر من 700 ألف نسمة يعيشون فيها».
ولفت إلى تكدس جبال من النفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل في مختلف المناطق، موضحاً أن حجم النفايات المنتشرة يقدر بأكثر من 75 ألف طن، في حين تنتشر مئات آلاف الأطنان من الأنقاض وركام المنازل.
المصدر: إذاعة صوت الوطن
الكلمات المفتاحية: غزة, النفايات, ناقوس خطر, مأساة, أزمات, مخيمات النزوح.