يولد كل يوم في قطاع غزة في ظل الحرب حوالي 150 طفلاً، رغم القتل والدمار وضنك الحياة وفق تقارير لجنة الانقاذ الدولية «آي.آر.سي».
وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف»، يوجد في غزة الآن حوالي 155 ألف امرأة حامل ومرضعة. وحوالي مليون امرأة تعيش في مخيمات النازحين.
إضافة إلى ذلك أضرار الحرب التي نزلت على كل مواطني قطاع غزة، فإن الأطباء ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات دولية تحذر من المس الشديد بشكل خاص بوضع النساء والفتيات في قطاع غزة ووضع اطفالهن.
أمراض، اجهاضات، جوع، غياب النظافة، ونزوح، كل ذلك يوصل بحال النساء وأطفالهن نحو الحضيض.
وشددت وكالة الأونروا أن المستشفيات في قطاع غزة أصبحت مصائد للموت لغياب الرعاية الصحية وتدميرها من جيش الاحتلال الإسرائيلي، لافتة إلى أن الأطفال يموتون من البرد والجوع والأمراض تفتك بأرواح المواطنين.
ومع انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، فمن الصعب الحصول على معطيات دقيقة حول الأمراض والاجهاضات والولادة المبكرة.
في الأشهر الأولى للحرب، نشرت وزارة الصحة الفلسطينية تقريراً أفادت فيه ارتفاع عدد حالات الإجهاض بنسبة تفوق حاجز 300 في المئة، ومنذ ذلك الحين لم يتم نشر معطيات أخرى.
ارتفاع الإصابات بفقر الدم وانعدام الأمن الغذائي
الاستطلاع الذي أجرته الأمم المتحدة في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) في أوساط النساء الحوامل والمرضعات، أظهر أن 76 في المئة من النساء الحوامل ابلغن عن الإصابة بفقر الدم، 99 في المئة أبلغن عن الصعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية والمكملات الغذائية، 55 في المئة أبلغن عن صعوبات صحية تمس بالقدرة على الرضاعة، 99 في المئة عانين من النقص في حليب الأم. ووفق منظمة «اليونسيف» فإن 96 في المئة من الأطفال والنساء المرضعات في غزة لا يحصلن على الغذاء الكافي.
في الأشهر الأخيرة تفاقمت مشكلة التغذية. ففي بداية تشرين الثاني (نوفمبر) قُدر صندوق السكان التابع للأمم المتحدة بأن حوالي 3 آلاف امرأة حامل في القطاع يعانين من مستوى كارثي في انعدام الأمن الغذائي.
إجهاد النساء
وحسب تقديرات خبراء الأمم المتحدة، فإن هذا العدد الآن هو 8 آلاف، إضافة إلى التوتر النفسي، فإن النساء الحوامل يواجهن جهد جسدي كل يوم (مثلاً جلب المياه)، التلوث، نقص المياه الصالحة، السكن ومشكلات أخرى.
بدورها، أوضحت طبيبة الأطفال في مستشفى ناصر في خانيونس الدكتورة فداء النادي، أنه في حال حصول النساء على الغذاء، فإن الحديث على الأغلب يدور على معلبات بجودة متدنية، وهذا يؤثر سلباً على صحتهن وصحة الأجنة.
وحسب حديث الطبيبة النادي، فإنه «في أعقاب النقص في أقسام الخُدج والحاضنات، فإن الأطباء أحياناً يضطرون إلى إدخال إثنان أو ثلاثة من الأطفال الخُدج إلى نفس الحاضنة».
لا توجد حاضنات في شمال القطاع
ووفق «ان.بي.سي»، فإنه «حتى قبل الحرب كان في شمال القطاع 105 حاضنات فقط في ثلاث مستشفيات، هجوم جيش الاحتلال وتدميره عدد من المشافي شلت معظم أقسام الولادة، وفي تشرين الثاني بقيت فقط 9 حاضنات عاملة في مستشفى كمال عدوان، وعند إخلاء المستشفى من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل نحو أسبوع ونصف فانه لا توجد حاضنات متاحة في شمال القطاع».
ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن الناشط الاجتماعي غازي أبو جياب الذي جلب قصة امرأتين في حالة الحمل في غزة، هالة الهسي (25 سنة)، التي أصيبت بقدمها برصاص اسرائيلي في بيت الجيران عندما كانت في الشهر الثامن من الحمل. وبعد أسبوع بدأت تعاني من نزيف وألم، وفقط بعد 12 ساعة نجح زوجها في نقلها إلى المستشفى في عربة يجرها حصان.
وقالت الهسي «أنا انتظرت بضع ساعات إلى أن نجحت في الدخول إلى غرفة الفحص، لأن كثير من النساء كن في الدور».
تزايد حالات الإجهاض
وأضافت «بعد الفحص قرر الطبيب أنني أحتاج إلى اجراء عملية لاخراج الجنين من الرحم». وتابعت حديثها «بعد انتهاء العملية بست ساعات اضطر الأطباء الى اخراجي من المستشفى بسبب الاكتظاظ».
من ناحيتها، أفادت عنان أبو جامع (30 سنة) أن حملها توقف في الشهر الثالث بعد أن أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي باخلاء الحي الذي تعيش فيه في بلدة بني سهيلة شرقي خانيونس، وقالت «أضطررت إلى الركض والسير بضعة كيلومترات إلى أن وصلت إلى مخيم للنازحين.
وأضافت أبو جامع «في الليلة الأولى في المخيم أصبت بالنزيف والألم، وفي اليوم التالي تبين في المستشفى بأنه لا يوجد نبض للجنين». وهي المرأة رقم 7 التي أجهضت في المستشفى حسب قولها.
هناك مشكلة لا تقل خطورة وهي النقص المتزايد في وسائل منع الحمل. سناء (34 سنة) من خانيونس، التي نزحت من مكان سكنها اربع مرات في الحرب، قالت: «النساء في غزة يدفعن ثمناً باهظاً بصحتهن. يوجد نقص في وسائل منع الحمل والنساء لا يمكنهن زيارة طبيبة نسائية. ومن لديها لولب في الرحم تحتاج الى استبداله وتحتاج إلى فحص ومتابعة روتينية وإرشاد حول وسائل منع الحمل – كل ذلك ينقص النساء».
الزواج المبكر
وانتقدت سناء قيام الآباء بتشجيع فتياتهن على الزواج بسن مبكرة بسبب الضائقة الاقتصادية، وقالت «هذا الزواج يؤدي إلى الحمل غير المخطط له»، مضيفة «الضائقة تجعل الآباء يزوجون الفتيات دون مهور وقد يصل حال البعض مقابل كيس طحين أو خيمة جديدة. هناك عائلات أن تبقى على قيد الحياة حتى بثمن تزويج الفتيات وتداعيات ذلك».
نور (29 سنة) وهي أم لولدين من مدينة غزة، التي تعيش الآن مع عائلتها في دير البلح، قالت: «عندما اندلعت الحرب قلت لزوجي بأنه لا يمكننا إنجاب المزيد من الأطفال. وهو وافق على ذلك. لا توجد أطر تعليم ولا يمكن أن تجر معك حامل. الحامل بحاجة الى خصوصية وفضاء آمن. في القطاع هذا معدوم».
غياب وسائل منع الحمل
وأضافت «مسألة وسائل منع الحمل هي طابو اجتماعي في قطاع غزة. يتحدثون عن النقص في الغذاء والمياه والدواء، يتحدثون عن الدمار. ولكنهم لا يتحدثون عن النقص في وسائل منع الحمل».
وشددت على أن المخيب للأمال هو أن كل امرأة مسؤولة عن مصيرها، وإذا أهملت نفسها ستتضرر، مضيفة «صديقتي حملت ووضعها الجسدي سيء، فهي لم تتمكن من إجراء فحوصات المتابعة وعانت من سكري الحمل،فهي يمكن أن تلد في القريب ولكنها لا تعرف أين ستلد وأين سيعيشون».
إن تضييق جيش الاحتلال الإسرائيلي على وكالة الأونروا وحظر عملها في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة انعكس سلباً على الخدمات التي تقدمها الأونروا ولا سيما القطاع الصحي ما زاد من تفاقم أوضاع المواطنين في قطاع غزة ومتابعة أوضاع المرضى والمتابعين ولا سيما النساء ومنهم الحوامل، والأطفال، ما دفع هؤلاء المواطنين إلى شراء الأدوية من المحال التجارية والصيدليات بأسعار مرتفعة، رغم الضائقة المالية الصعبة وربما يدفع البعض إلى العزوف عن الشراء لعدم توفر المال الكافي والغلاء الفاحش في الأسعار.
المصدر: خاص إذاعة صوت الوطن
الكلمات المفتاحية: أمراض, زواج مبكر, منع الحمل, غزة, الحرب, نزوح, الجوع, اجهاض.