قال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»: «قادرون على لعب دور إيجابي في أي عملية انتقال سياسي أو مسار يؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقبلية وتعزيز مؤسسات فلسطينية قوية».
وعبر لازاريني في حوار مع صحيفة «المجلة»، عن أمله أن يستمر دور «الأونروا» الإيجابي في هذا السياق، وأن تظل جزءًا من الحل في المنطقة، متوقعاً تواصله مع المسؤول الأميركي عن ملف عملية السلام في الشرق الأوسط في حكومة ترامب بحلول 20 يناير.
حظر الاحتلال للأونروا
وأوضح مفوض عام الأونروا أنه «لا أحد يعلم يقينًا، لأن الوكالة أو المجتمع الدولي لم يتلقيا أي توجيهات واضحة بشأن حظر دولة الاحتلال العلاقات معنا.
وقال لازاريني «نحن نتحدث الآن عن قانونين . الأول يهدف إلى حظر وجود ونشاط «الأونروا» في ما تعتبره إسرائيل أراضيها السيادية، وهذا بالنسبة لإسرائيل يعني القدس الشرقية، رغم أن المجتمع الدولي يعتبر القدس الشرقية منطقة محتلة.أما المشروع الثاني في الكنيست فيهدف إلى حظر أي اتصال بين مسؤولي «الأونروا» والمسؤولين الإسرائيليين».
وشدد أنه إذا جرى تطبيق هذا القانون، فسيصبح من المستحيل تنسيق أنشطتنا أو الحصول على تأشيرات لدخول الضفة الغربية أو غزة، مما سيؤدي في النهاية إلى إنهاء أنشطتنا، مضيفاً «صحيح أن واضعي هذا القانون يهدفون أيضاً إلى شل عمل الوكالة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة».
حرمان الفلسطيني من صفة اللاجئ
وأكد لازاريني أن الهدف الحقيقي وراء ذلك هو حرمان الفلسطينيين من وضع اللاجئ، وهي صفة قانونية. وإذا جرى تنفيذ هذه القوانين، فستكون لها عواقب إنسانية كارثية، مثل حرمان مئات الآلاف من الفتيات والفتيان من التعليم، وحرمان ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية. كما سيؤدي ذلك إلى إضعاف أداة المجتمع الدولي التي تم وضعها لمعالجة محنة اللاجئين الفلسطينيين، وهي «الأونروا».
وشدد مفوض عام الأونروا على أن «الأونروا» هي الرد الدولي الذي قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبالتالي، إذا توقفت «الأونروا» عن أنشطتها، فإن مسؤولية تقديم خدمات التنمية البشرية، مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية والخدمات الاجتماعية، ستعود إلى القوى المحتلة، وهي إسرائيل.
الاتصالات مع حكومة الاحتلال
وبين لازاريني أن لدى «الأونروا» مستويات مختلفة من التواصل. لدينا العلاقة الرسمية، وهي علاقة صعبة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حملة تضليل تهدف إلى تصنيف المنظمة كمنظمة إرهابية يجب تفكيكها.
وأضاف «أود فقط أن أذكّر بأنه ومنذ بداية الحرب، كان التخلص من وكالة مثل «الأونروا» أحد أهداف هذه الحرب»، منوهاً إلى أنه بالنسبة لما أسميه العلاقة التشغيلية أو العملية، فلدينا مدير في الميدان يقوم يوميا بالتنسيق مع نظيره الإسرائيلي لتنظيم حركة قوافلنا وتنسيقها. على سبيل المثال، في غزة، يجب تنسيق كل حركة لضمان سلامة موظفينا أولًا.
بدأ العد التنازلي
ولفت إلى أنه لم تُجدَّد تأشيرته، لذا لا يمكنه العودة إلى القدس، وعدم تجديد التأشيرة كمفوض عام، بينما مقر عمله الرسمي في القدس، يعادل فعلياً اعتباره شخصية غير مرغوب فيها.
وقال لازاريني «نحن في «الأونروا» سنظل ملتزمين بتقديم خدماتنا للاجئين الفلسطينيين حتى آخر يوم يمكننا فيه فعل ذلك». وأضاف «لقد بدأ العد التنازلي، والمفترض أن يكون التنفيذ بحلول 30 يناير القادم. ولهذا السبب فإنني أطالب بأمرين: أولهما، التراجع عن هذا القرار وعدم تنفيذه، لأنني أعتقد أنه ستكون له عواقب وخيمة، مثل إضعاف قدرتنا الجماعية على مواجهة أزمة إنسانية غير مسبوقة، فـ«الأونروا» جهة رئيسة من الجهات التي تقدم المساعدة. وبالتالي، فإن تنفيذ القانونين سيُضعف قدرتنا الجماعية في وقت ينبغي فيه– على العكس– تعزيزها.ثانيا، لنفرض أن وقفا لإطلاق النار تحقق غدا، فمن ذا الذي سيكون قادرا على إعادة مئات الآلاف من الفتيات والفتيان، الذين يعانون من صدمات عميقة ويعيشون حاليا بين الأنقاض، إلى المدارس؟ لا توجد أي وكالة أممية أخرى مهيأة لتقديم خدمات عامة بهذا النطاق. المؤسسات العامة والحكومات فقط هي التي يمكنها تقديم التعليم على هذا المستوى».
وحذر لازاريني من التضحية بجيل كامل، ما يعني أيضا زرع بذور مزيد من التطرف والاستياء، ولا سيما أنه لا توجد سلطة فلسطينية قادرة حالياً على إعادة مئات الآلاف من الفتيات والفتيان إلى المدارس في غزة، وينطبق الأمر نفسه على الرعاية الصحية الأولية.
انسحابنا سيخلق فراغاً كبيراً
وبين لازاريني «اليوم، نقدم ما بين15000 و18000 استشارة طبية يوميا للاجئين الفلسطينيين في غزة، وهو ما يعني أن نحو نصف مليون شخص يحصلون على الرعاية الصحية الأولية من الأونروا».
وأكد أنه لا توجد أي منظمة أخرى قادرة على تحمل هذا النظام الصحي الأساسي الذي أقامته «الأونروا» بهذا الحجم، لافتاً إلى أن انسحابهم اليوم فسيكون الأمر كمن يلقي الطفل مع مياه الاستحمام. سيخلق فراغا كبيرا، ليس فقط في غزة، بل أيضا في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وبين لازاريني أنه «في الضفة الغربية، لدينا 50 ألف طفل دون مدارس، ونصف مليون شخص يعتمدون على مراكزنا الصحية. من سيتولى هذه الأنشطة؟ هل ستستطيع السلطة الفلسطينية ذلك؟ نحن نعلم جميعاً أن السلطة الفلسطينية لا تكاد تقدر اليوم على تقديم الخدمات للفلسطينيين غير اللاجئين في الضفة الغربية. إنها على شفا الانهيار الاقتصادي. وبالتالي لن يكون بمقدورها تحمل هذا العبء الإضافي الكبير حالياً».
وأضاف «باختصار، إذا اختفينا اليوم فسنخلق فراغاً. أما إذا كنا جزءا من عملية انتقالية، وجزءا من إطار سياسي، وجزءا من الحل، فسيمكننا على الأقل أن نصل إلى الهدف نفسه، أي تقليص دورنا، ولكن بعد سنوات قليلة، عندما تكون هناك حلول سياسية مستدامة ومؤسسات قادرة على تحمل أنشطة الوكالة».
وشدد مفوض عام الأونروا أنه «عندما نستمع إلى واضعي مشروع القانون أو إلى عدد من السياسيين الإسرائيليين، ندرك أن هدفهم هو تجريد الفلسطينيين من صفة اللاجئ».
لا علاقة لصفة اللاجئ بتقديم الخدمات
وقال «كما نسمع كثيراً دعوات لإنهاء حالة الضحية التي يعيشها الفلسطينيون بشكل نهائي». وأضاف لازاريني «ثمة من يعتقد أن تجريد الفلسطينيين من صفة اللاجئ سيؤدي إلى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل دائم. ولكن هذه فكرة خاطئة، إذ لا علاقة لصفة اللاجئ إطلاقا بتقديم الخدمات، فحتى لو توقفت الخدمات، ستظل صفة اللاجئ للفلسطينيين قائمة حتى الوصول إلى حل سياسي لقضية اللاجئين».
وأكد لازاريني أن البعد السياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين مكفول في قرار مختلف تماماً (من الجمعية العامة للأمم المتحدة) عن القرار الذي أنشأ «الأونروا».
تأثير إلغاء أو تقليص الأونروا على حق العودة
وقال مفوض عام وكالة «الأونروا»، إنه «لن يؤثر على حق العودة للفلسطينيين، لأن حق العودة ليس مكفولًا بقرار «الأونروا» (القرار 302). بل هو مكفول بقرار صدر واعتُمد قبل إنشاء «الأونروا (القرار 194)».
وأضاف «يمكن للأونروا أن تلعب دوراً محورياً إذ أنها ومن واقع خبرتها بتقديم التعليم والرعاية الصحية الأولية لملايين اللاجئين الفلسطينيين على مدى عقود فهي قادرة على المساهمة في بناء قدرات دولة فلسطين المستقبلية».
وشدد على أن الهدف النهائي هو الوصول إلى مرحلة تتولى فيها دولة فلسطين مسؤولية أنشطة «الأونروا»، كاشفاً عن وجود خارطة طريق للاجتماعات، وهي تحرز تقدماً. هناك تحالف من عدد من الدول الأعضاء. لا أعرف إلى أين ستصل، لكن على الأقل سيكون هناك اقتراح يجري تداوله ووضعه على الطاولة.
وتابع لازاريني حديثه مؤكداً «إذا فشلنا في التحرك وطُلب من «الأونروا» وقف أنشطتها، فسيُحدث ذلك فراغاً كبيراً، ولن يكون هناك بديل جاهز، لأن أي مؤسسة لن تكون مهيأة لتحمل الوظائف الأساسية التي تقدمها الوكالة».
الكلمات المفتاحية: حظر الأونروا, غزة, الأونروا, الاحتلال, الحل السياسي, الصحة, التعليم, الخدمات, لازاريني, صفة اللاجئ.