خاص إذاعة صوت الوطن||
في قلب الجنوب النابلسي، وعلى بُعد 12 كيلومترًا من مركز المدينة، تقف قرية عصيرة القبلية شاهدةً على واحدة من أبرز صور المعاناة الفلسطينية اليومية. القرية التي لطالما كانت تُعرف بزراعتها الخصبة، أصبحت اليوم هدفًا للاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي. معاناة سكانها ليست مجرد حكايات، بل هي واقع يومي يعيشه أهل القرية، الذين يقاومون محاولات التهجير والمصادرة، في سبيل الحفاظ على أرضهم وهويتهم.
الواقع المرير: اعتداءات لا تنتهي
أصبحت عصيرة القبلية محاصرة بين مستوطنات زراعية ومواقع عسكرية. في الجهة الشرقية، يُمنع المزارعون من الوصول إلى أراضيهم التي تمثل مصدر رزقهم الوحيد، إذ تُستخدم هذه الأراضي لتوسيع المستوطنات. أما في الجهة الغربية، فإن مستوطنة “جلعاد” تمثل تهديدًا دائمًا لسكان المنطقة، حيث تتكرر الاعتداءات التي تشمل إحراق المنازل، إطلاق قنابل الغاز داخلها، والاعتداء الجسدي على السكان، بمن فيهم الأطفال.
خزان المياه الرئيسي للقرية لم يسلم من الاعتداءات، إذ تم استهدافه مرارًا من قبل المستوطنين، مما أدى إلى حرمان القرية من المياه الأساسية. حتى شبكات الكهرباء التي تشغل الخزان تعرضت للتخريب، مما يضاعف من معاناة السكان الذين يعجزون عن الوصول إلى الخزان لإجراء عمليات الصيانة الضرورية.
صوت المرأة الفلسطينية: المطالبة بحقوق أساسية
تقول مها أحمد، نائب رئيس المجلس المحلي وناشطة نسوية:
“نحن كنساء في عصيرة القبلية نعيش معاناة يومية بسبب الحصار المفروض علينا من قبل المستوطنين. يُمنعنا من الوصول إلى الأراضي المصنفة (ب)، مما يجعلنا غير قادرين على زراعة أراضينا أو التنقل بسهولة. النساء في القرية يواجهن صعوبات إضافية بسبب إغلاق الطرق وحواجز الاحتلال، مما يمنعنا من الوصول إلى الرعاية الصحية أو توفير احتياجات أسرنا الأساسية.”
مها شددت على ضرورة إنشاء مركز صحي شامل في القرية، لتلبية احتياجات الأهالي، وتوفير الخدمات الطبية الضرورية. كما دعت إلى تغليب المصلحة العامة والعمل المشترك لتعزيز صمود سكان القرية.
التحديات اليومية: حياة محفوفة بالمخاطر
اعتداءات المستوطنين تبدأ من هجمات على المنازل القريبة من المستوطنة، وتتبعها تدخلات قوات الاحتلال من النقاط العسكرية المحيطة. الحواجز الدائمة التي ينصبها الاحتلال، والتفتيش المستمر للسكان، يزيدان من معاناة أهل القرية، حيث يواجهون صعوبة في الوصول إلى المدن المجاورة للعمل أو تلقي العلاج.
عصيرة القبلية ليست مجرد قرية صغيرة محاصرة بالمستوطنات، بل هي رمز لصمود الفلسطينيين أمام آلة الاستيطان الإسرائيلية التي تستهدف كل ما يتعلق بحياتهم ووجودهم. هذه القرية وغيرها من القرى الفلسطينية تعيش تحت ضغط يومي مستمر، لكنها في الوقت نفسه تشكل جبهة مقاومة صامتة تُصر على البقاء رغم كل التحديات.
إن معاناة أهالي عصيرة القبلية تُظهر مدى الحاجة الملحة لدعم صمود الفلسطينيين في وجه الهجمة الاستيطانية، والعمل على توفير الخدمات الأساسية التي تعزز من قدرتهم على الثبات في أرضهم. فقضيتهم ليست مجرد معركة من أجل البقاء، بل هي نضال من أجل الكرامة والعدالة الإنسانية.
المصدر: إذاعة صوت الوطن
الكلمات المفتاحية: غزة, الاحتلال, الاستيطان, الإرهاب الإسرائيلي, عصير القبلية.