أبرز موقع Middle East Eye البريطاني تحول خيام النزوح القسري في غزة إلى ثلاجات للموت بعد توفي ثلاثة أطفال جراء انخفاض حرارة الجسم في جنوب قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق الذي يجعل الظروف الشتوية القاسية غير صالحة للعيش وتواصل حرب الإبادة الجماعية.
وقال أطباء في غزة إن طفلة تبلغ من العمر ثلاثة أسابيع فقط تجمدت حتى الموت أثناء الليل بسبب انخفاض درجات الحرارة وسط شتاء ممطر في جميع أنحاء القطاع الفلسطيني الذي مزقته الحرب.
وذكر الأطباء أن خيمة الطفلة لم تكن محكمة الإغلاق ضد الرياح فيما كانت الأرض والأجواء باردة جدا.
وفي يوم الخميس، عُثر على طفلة أخرى تدعى سيلا محمود الفصيح فاقدة للوعي. وحين وصل إليها الأطباء، كانت رئتاها قد تدهورتا وأعلنوا وفاتها بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم.
وقال والدها في مقطع فيديو انتشر على الإنترنت وهو يحتضنها في كفن أبيض وشفتيها الأرجوانيتين ظاهرتين على وجهها الشاحب: “في الصباح، عندما كانت والدتها سترضعها مرة أخرى، وجدناها زرقاء اللون، وكان الدم ينزف من فمها بسبب البرد”.
التجمد حتى الموت
قال مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور منير البرش، إن طفلا “تجمّد حتى الموت من شدة البرد” في منطقة المواصي، واصفا الخيام في غزة بـ”ثلاجات الموت”، مستشهداً بوفاة طفلين آخرين بسبب البرد القارس.
وأفاد رئيس قسم الأطفال والتوليد في مستشفى ناصر بخان يونس أحمد الفرا، أن الرضيعين يبلغان من العمر ثلاثة أيام، وآخر شهراً واحداً.
وتسلط هذه الوفيات الضوء على الظروف المزرية في غزة، حيث يتكدس مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في خيام مؤقتة مهجورة، هرباً من القصف الإسرائيلي في أجزاء مختلفة من القطاع.
وقد احتل الجيش الإسرائيلي غزة وحاصرها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى منع وصول جميع الإمدادات الضرورية لإنقاذ الحياة – بما في ذلك الكهرباء والمياه النظيفة والوقود والغذاء والأدوية والخيام – إلى المدنيين.
وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 45 ألف فلسطينيا في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فيما أغلب الضحايا من النساء والأطفال.
كما توفي العشرات نتيجة الظروف القاسية التي يفرضها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الجوع وانعدام الرعاية الطبية وانخفاض حرارة الجسم.
وأصدرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الثلاثاء، بيانا دامغا كشفت فيه عن استشهاد طفل في غزة كل ساعة وسط الهجوم الإسرائيلي المتواصل.
وأضافت الوكالة أن “هذه ليست مجرد أرقام، بل هي أرواح أزهقت خلال فترة قصيرة دون أي مبرر”، مسلطة الضوء على الخسائر الفادحة التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية.
وفي منشور على موقع X، سلطت الوكالة الضوء على المحنة المروعة التي يعيشها أطفال غزة، والذين يعاني العديد منهم من ندوب جسدية وعاطفية. ويتحمل الناجون منهم صدمة النزوح، ويحرمون من التعليم، ويتركون يبحثون عن الطعام بين أنقاض منازلهم.
وكشفت وكالة الأونروا أن 14500 طفل على الأقل استشهدوا خلال الحرب، داعية إلى إنهاء الحرب على الفور. وأكدت الوكالة أن “قتل الأطفال لا يمكن تبريره”، وحثت على اتخاذ إجراءات عالمية لإنهاء إراقة الدماء.
تحرك برلماني بريطاني
في هذه الأثناء وقع أكثر من 50 نائبا وعضوا في البرلمان البريطاني على رسالة تحث رئيس الوزراء كير ستارمر على تنفيذ برنامج إجلاء طبي للأطفال الفلسطينيين المصابين في غزة.
وحظيت الرسالة، التي نظمتها عضو البرلمان عن حزب العمال كيم جونسون وأرسلتها إلى رئيس الوزراء بدعم من أعضاء البرلمان والنبلاء من عدة أحزاب.
وقالت جونسون “إنها فضيحة أخلاقية أن تفشل المملكة المتحدة في تقديم أي دعم لطفل واحد من غزة يحتاج إلى رعاية طبية، في حين قدمت العديد من البلدان الأخرى المعنية هذه المساعدة”.
وأضافت أنه من المستحيل تصور معاناة الفلسطينيين في غزة، على الرغم من أن “محكمة العدل الدولية وصفتها بأنها إبادة جماعية محتملة”.
وتم تصنيف غزة كأكثر مكان في العالم دموية بالنسبة للأطفال. وجاء في الرسالة الموجهة إلى ستارمر: “تلقينا تقارير مقلقة من متخصصين في المجال الطبي وموظفي المنظمات الإنسانية تفيد بأن المستشفيات والمرافق الطبية في غزة مثقلة بشكل كبير، مع نقص حاد في الإمدادات الطبية والموظفين والبنية التحتية العاملة”.
وأضافت أن المملكة المتحدة قامت بإجلاء الأطفال المصابين من أوكرانيا إلى بريطانيا لضمان حصولهم على العلاج الطبي المناسب.
وتابعت “لقد قبلت العديد من الدول الأخرى، مثل إيطاليا والنرويج، أطفال غزة المحتاجين إلى رعاية طبية عاجلة، الأمر الذي جعل المملكة المتحدة استثناءً. لماذا لا تفكر المملكة المتحدة في تنفيذ خطة مثل هذه؟”
ودعت الرسالة حكومة حزب العمال إلى العمل جنباً إلى جنب مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن “المنظمات غير الحكومية ذات الصلة”، لإنشاء “برنامج إجلاء طبي قصير الأمد من غزة إلى المملكة المتحدة”.
وأبرزت جونسون أن “غزة لديها الآن أعلى عدد من الأطفال مبتوري الأطراف بالنسبة لعدد السكان مقارنة بأي دولة في العالم.
وقالت “إن الأشخاص الذين يعانون من السرطان أو غيره من الأمراض المزمنة غير قادرين على الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها، حتى لو تمكنوا من الوصول إلى البلدان المجاورة”.
الكلمات المفتاحية: الأطفال, خيام النزوح, ثلاجات الموت, غزة.