خاص إذاعة صوت الوطن||
منذ 449 يوماً، يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض حصار قاسي على شمال قطاع غزة، مانعاً إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية والوقود بما فيه غاز الطهي للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب. أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، يعيشون في ظروف مأساوية جراء القصف المستمر والدمار الذي طال كل شيء. الوضع في غزة يزداد تدهوراً مع كل يوم يمر، في الوقت الذي تحاول فيه المنظمات الإنسانية تقديم الدعم، لكن الاحتلال يواصل عرقلة هذا الدعم بأشكال شتى.
القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية:
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»: إن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منع وعرقلة غالبية بعثات المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة». في آخر تقرير له، أكد «أوتشا» أن من بين 12 طلبًا للأمم المتحدة لتنسيق التحركات الإنسانية تم تقديمها يوم الأربعاء الماضي، تم رفض ستة طلبات بشكل قاطع، فيما تم إلغاء ثلاثة من قبل المنظمين بسبب التحديات الأمنية أو اللوجستية، وتم الموافقة على طلب واحد لكنه واجه عوائق كثيرة من قبل الاحتلال، فيما تمت تسهيل وإنجاز اثنين آخرين. في ظل هذا الوضع، تم رفض محاولتين للوصول إلى الأجزاء المحاصرة من محافظة شمال قطاع غزة، ما يزيد من تعقيد الوصول إلى المساعدات وتقديمها للمدنيين.
الوفيات بسبب الجوع:
من أبرز المظاهر الإنسانية المأساوية التي تخلفها الحرب والحصار، تزايد حالات الوفاة بسبب الجوع ونقص الغذاء. تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن أكثر من 50% من سكان غزة يعانون من الجوع الشديد، في وقت لم تعد فيه المواد الغذائية الأساسية متاحة بسهولة. يتناول سكان القطاع غذاءً محدوداً جداً، وغالباً ما تكون الوجبات خالية من العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم. في العديد من الحالات، يضطر السكان إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي ترد بشكل محدود جداً، وعندما تصل، تكون كمية المساعدات غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين. نتيجة لذلك، شهد القطاع ارتفاعاً في حالات الوفاة المرتبطة بسوء التغذية، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن.
المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما يزيد من تفاقم الوضع الصحي الخطير الذي يعيشه المدنيون في غزة. مرضى سوء التغذية يتزايدون، ويعيش العديد منهم دون أية رعاية صحية كافية بسبب إغلاق المعابر ورفض الاحتلال إدخال المساعدات.
الحاجة إلى الأغطية:
إضافة إلى معاناتهم من الجوع، يعاني سكان غزة من ظروف معيشية قاسية، خاصة مع حلول فصل الشتاء. مئات الآلاف من العائلات التي فقدت منازلها جراء القصف تجد نفسها بلا مأوى، في ظل شدة البرد والمطر. لا تجد هذه العائلات الأغطية الكافية لحماية نفسها من برد الشتاء القاسي. وبات العديد من الأطفال والنساء يعيشون في خيام أو في مبانٍ مدمرة تماماً، مما يعرضهم للإصابة بالأمراض المرتبطة بالبرد، مثل نزلات البرد الشديدة وأمراض الجهاز التنفسي.
الأمم المتحدة وصفت الوضع في غزة بأنه «مأساوي»، مشيرة إلى أن أكثر من 300 ألف شخص بحاجة عاجلة إلى مأوى وغطاء دافئ. ولكن رغم هذه المناشدات الإنسانية، ما تزال السلطات الإسرائيلية تواصل إغلاق المعابر، مما يمنع دخول الخيام والبطانيات والملابس الشتوية الضرورية للسكان. هذه الأزمة تزداد سوءاً مع مرور الوقت، مما يهدد حياة الآلاف في القطاع المحاصر.
الحصار والحرب المستمرة:
وبحسب مكتب «أوتشا»، ورغم القيود المفروضة على الوصول وانعدام الأمن، تواصل منظمات الإغاثة عملها بكل جد لتقديم الدعم للمحتاجين، في ظل تدهور الوضع الإنساني الذي بات يهدد حياة الملايين. وفي الوقت الذي تتواصل فيه المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين، أكد «أوتشا» تلقيه تقارير يومية عن مقتل وإصابة المدنيين بسبب الأعمال العدائية المستمرة، مما يتسبب في دمار واسع النطاق ونزوح الآلاف.
تقرير الأمم المتحدة يعكس الواقع الكارثي الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة، حيث تحولت المنطقة إلى ساحة حرب من دون رحمة، مع استمرار القصف الجوي والبحري والبري على المدن والمناطق السكنية. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، أسفرت هذه الحرب عن مقتل وإصابة أكثر من 151 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بينما تجاوزت أعداد المفقودين 10,000 شخص.
وفي النهايه
اليوم، وبعد مرور 449 يوماً من المعاناة، يبقى الفلسطينيون في غزة يواجهون تحديات لا تعد ولا تحصى، ويتزايد عدد الضحايا يومًا بعد يوم بسبب الجوع، البرد، والقصف المتواصل. إن المجتمع الدولي يواجه اختبارًا حقيقيًا في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية التي هي من أسوأ الكوارث في التاريخ المعاصر، في وقت ترفض فيه إسرائيل فتح المعابر وتستمر في عرقلة وصول المساعدات، بات من الضروري على العالم أن يتحرك بجدية لإنقاذ ما تبقى من حياة في غزة. إن تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني في غزة هو تجاهل للإنسانية جمعاء. على العالم أن يخرج عن صمته ويعمل جاهدًا لإنهاء هذه المأساة الإنسانية، لأن السكوت على الظلم لا يختلف عن التواطؤ فيه.
الكلمات المفتاحية: غزة, المساعدات.