أصدر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تقريره الاستيطاني الأسبوعي عن التي أعدته الإعلامية مديحة الأعرج عن الفترة الممتدة من22-29 أيلول (سبتمبر) 2023، والمعنون بـ«الأمم المتحدة تراقب «عنف المستوطنين» ولا تفعل شيئًا لوقف ممارساتهم الإرهابية».
وهذا نص التقرير كاملاً:
جاء التقرير الأخير ، الذي صدر قبل اسبوع عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة 1967 يسلط بعض الضوء على عنف المستوطنين ، الذي يشهد في ظل الحكومة الاسرائيلية ، التي يقودها بنيامين نتنياهو ، تصاعدًا في جميع أرجاء الضفة الغربية ، حيث تقع ثلاثة حوادث مرتبطة بالمستوطنين في اليوم بالمتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2023 ، بالمقارنة مع ما متوسطة حادثين في اليوم خلال العام 2022 وحادث واحد في اليوم في العام 2021 . وهذا حسب المكتب المذكور ، أعلى مستوى لحوادث العنف المرتبطة بالمستوطنين منذ العام 2006 . وقد ترتب على ذلك العنف تهجير 1,105 أشخاص من 28 تجمعًا رعويا فلسطينيا يشكلون نحو 12 بالمائة من سكان التجمعات الرعوية ، من أماكن إقامتهم منذ العام 2022 . وكان معظم المهجرين في محافظات رام الله / البيره ونابلس والخليل ، التي يوجد فيها أعلى عدد من البؤر الاستيطانية الإسرائيلية كذلك. ويفيد التقرير أنه تم منذ العام 2022 تهجير سكان أربع تجمعات وباتت خالية الآن ، وأكثر من 50 بالمائة من ستة تجمعات وأكثر من 25 بالمائة من سبع تجمعات أخرى ، توزعوا على المحافظات التالية في الضفة الغربية : 77 من ثلاثة تجمعات في محافظة طوباس ، 276 من سبعة تجمعات في محافظة نابلس ، 15 من احد التجمعات في محافظة قلقيلية ، 30 من احد التجمعات في محافظة سلفيت ، 410 من ستة تجمعات في محافظة رام الله والبيره ، 53 من احد التجمعات في محافظة القدس ، 35 من احد التجمعات في بيت لحم و 209 من تسعة تجمعات في محافظة الخليل .
أسباب هجرة هذه التجمعات ، الكلية أو الجزئية واضحة ، فقد أفاد نحو 93 بالمائة من تلك التجمعات أن الأسباب تعود إلى ارتفاع وتيرة عنف المستوطنين ، وأشار 90 بالمائة منها إلى ازدياد حدة هذا العنف منذ مطلع العام 2022. ويجري كل هذا وفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في ظل غياب المساءلة عن عنف المستوطنين . ففي 81 بالمائة من التجمعات ، التي تعرضت لعنف المستوطنين ، قدم السكان شكاوى للشرطة الإسرائيلية في بعض أو معظم حوادث عنف المستوطنين التي تعرضوا لها. ولكن لم يكن سوى 6 بالمائة من ممثلي التجمعات هذه على علم بأي من إجراءات المتابعة التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية.
ولكن ما هي خلفية ما يحدث مع التجمعات الرعوية الفلسطينية ( التجمعات البدوية ) في الضفة الغربية وفي أية سياقات سياسية تجري . هذا غاب عن تقرير مكتب الامم المتحدة للشؤون الانسانية ، فربما يكون ذلك خارج نطاق اختصاصه . ومع ذلك يحتفظ التقرير بأهميته نظرا لما يتمتع به من موضوعية . في تقريرنا الاسبوعي هذا حول الاستيطان سوف نعرض في الحدود المتاحة خلفية ما يحدث وسياقاتها السياسية ، أي ما يتصل من هذه السياقات بالسياسة الرسمية ، التي تسير عليها حكومة اسرائيل على هذا الصعيد .
لا يخفى على المتابعين بأن العنف ، الذي يمارسه المستوطنون بات عنفا منظما تتولاه منظمات ارهابية يهودية تتخذ تحديدا من البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ملاذات آمنة لها في ظل حماية كاملة من جيش وشرطة الاحتلال . هنا تعمل هذه المنظمات الارهابية من زعران ” شبيبة التلال ” وتدفيع الثمن ” و ” تمرد ” وغيرها كوكيل ثانوي لجيش الاحتلال . جيش الاحتلال لا يستطيع لاعتبارات سياسية وقانونية ان يقوم علنا وبشكل مباشر بالأعمال الارهابية ، التي تقوم بها المجموعات الارهابية ، فهو وفقا للقانون الانساني الدولي وقوانين الحرب مسؤول عن حماية المدنيين تحت الاحتلال . ولهذه المنظمات الارهابية مرجعيات سياسية ومرجعيات روحية معروفة وأخرى ميدانية تحتل مراكز مرموقة في مجلس المستوطنات ” يشع ” وفي مجالسها الإقليمية أمثال يوسي داغان وشلومو نئمان .
المرجعية السياسية لمنظمات الارهاب اليهودي العاملة في المستوطنات لا تخفي هويتها ، فهي تحتل مواقعها في الكنيست وفي الحكومة . ظهرت الصورة هنا عارية بعد أن قدم 14 عضو كنيست التماسا لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي ( الشاباك ) يطالبون فيه بتحسين ظروف احتجاز الارهابي عميرام بن أوليئيل المدان بقتل عائلة دوابشة في قرية دوما حرقا في تموز من العام 2015 وبإنهاء حبسه الاداري في سجن إيشل. . هؤلاء يقودهم بتسلئيل سموتريتش بالدرجة الرئيسة ، وهو سياسي فاشي نموذجي خطير مقارنة بغيره من الفاشيين والنازيين الجدد في حكومة نتنياهو الحالية .
سموتريتش هذا يعمل على تهجير التجمعات الرعوية الفلسطينية ببرنامج واضح ومعلن وبأدوات معروفة كزعران “ شبيبة التلال “ ، ويتبنى سياسة نشر البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية في كل مكان يتركيز على مناطق شفا الغور في محافظات طوباس ونابلس ورام الله والبيرة وفي صحراء القدس كما في مسافر يطا ويعمل على إضفاء الشرعية ليس فقط على هذه البؤر والمزارع بل وعلى منظمات الارهاب اليهودي ، التي تنطلق منها في اعتداءاتها المنظمة على المواطنين الفلسطينيين بشكل عام والتجمعات الرعوية الفلسطينية بشكل خاص . هو يدفع ، حسب مجلة ” تايمز أوف اسرائيل ” الاليكترونية في عددها الصادر بتاريخ 20 آب الماضي ، بخطة لإضفاء الشرعية على 155 بؤرة استيطانية غير قانونية في جميع أنحاء الضفة الغربية ، إما بنقلها إلى ما تعتبرها إسرائيل أراضي دولة ، أو بتطبيق آليات قانونية بديلة تسمح لها بالبقاء في مكانها. وتركز خطة سموتريش حسب المجلة المذكورة ، أولا على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في شمال ووسط الضفة الغربية قبل العمل على البؤر غير القانونية في منطقة الخليل وغور الأردن وتخصص المكاتب التي يسيطر عليها في وزارة المالية ووزارة الدفاع الملايين من الشواقل للبؤر الاستيطانية ، بالإضافة إلى بناء طرق وصول إلى البؤر الاستيطانية وربطها بشبكات الكهرباء والمياه. ويستخدم حسب ” تايمز أوف اسرائيل ” مقاولين يعرفهم لدفع المشاريع إلى الأمام.
الأغوار الشمالية هي في الوقت الراهن على جدول أعمال سموتريتش وإدارته المدنية ، فقد تم تهجير تجمعي الرواق وحمصه بشكل كلي ، خلة مكحول وخلة جديعه وخربة ام قطن والحديدية بشكل جزئي فيما سلمت الادارة المدنية منذ بداية العام الحالي 120 اخطارا بالهدم والترحيل في الاغوار الشمالية . شفا الغور في محافظتي نابلس ورام الله البيرة هو أيضا على رأس جدول الأعمال لوزير الاستيطان في وزارة الجيش . من فروش بيت دجن صعودا نحو بيت دجن ، بيت فوريك ، عقربا ، مجدل بني فاضل ، دوما في محافظة نابلس الى المغير ، كفر مالك ، الطيبة ، المعرجات في محافظة رام الله البيره ، بؤر استيطانية ومزارع رعوية كثيرة للمستوطنين تنتشر في المنطقة ، وقد تحولت الى مأوى لمنظمات الارهاب اليهودي . على قمة تلة على بعد كيلومتر واحد جنوب عين الرشاش ( دوما ) ، أقامت هذه المنظمات الارهابية أحد أخطر البؤر الاستيطانية واطلقت عليها اسم ” ملآخي هشالوم ” ( ملائكة السلام ) . وغير بعيد عن عين الرشاش وعين ساميه تم ارغام عائلات بدوية ، كانت تقطن تجمع القبون شرق المغير على الرحيل ، وهذا خامس تجمع يرغم على الرحيل ، بعد تجمعات عين سامية ورأس التين البدويين وتجمعي لفجم والبقعة الرعويين ، جميعها تم ترحيلها ( في ايار هذا العام تم ترحيل عين سامية ، وفي تموز البقعة وفي آب القبون ) في تطور لافت لمستوى التنسيق العالي بين الإدارة المدنية وزعران منظمات الارهاب اليهودي ، الذين منحتهم حكومة نتنياهو – سموتريتش دعمها الكامل وموازنات وصلاحيات لمراقبة ووقف البناء الفلسطيني في المنطقة .
على صعيد آخر جدد الحكم العسكري في “بيت ابل” الأمر العسكري بوضع اليد على نحو 350 دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرى بيت لقيا – غرب رام الله – وقطنة والقبيبة وبيت عنان شمال غرب القدس في سياق توسيع الاستيطان في منطقة الخط الأخضر ومنطقة الرأس في القبيبة وكذالك بيت عنان وخربة ام اللحم في قطنة باعتبارها مناطق استراتيجية بالقرب من الخط الأخضر بغرض محوه بالكامل خاصة في منطقة مستوطنة “هار هردار” التي يقع جزء كبير منها على أراضي قطنة وجزء على أراضي قرية أبو غوش وتخضع لعملية توسيع كبيرة. هذه المناطق المستهدفة هي مناطق حدودية سرعان ما تحولت الى مناطق للتوسع الاستيطاني حيث تمنع فيها سلطات الاحتلال المواطنين أصحاب الأراضي من دخولها وبما يخدم رؤية حكومة الفاشيين والنازيين الجدد في اسرائيل ، التي اتخذت قرارها النهائي بحسم الوضع في المنطقة المصنفة “ج” حسب اتفاق أوسلو ، وتنفيذ مشروع بناء مستوطنة جديدة على أراضي قطنة في منطقة الرأس وحسم الامور في منطقة شمال غرب القدس ، التي تشهد توسعا متسارعا في النشاط الاستيطاني .
فضلا عن ذلك فإن عجلة البناء في القدس لا تتوقف ، ليس للفلسطينيين كما وعدت حكومة الاحتلال في خطتها الخمسية لحل ضائقة السكن عند الفلسطينيين ، بل للمستوطنين ، حيث تخطط بلدية موشيه ليون لبناء 250 وحدة استيطانية في مستوطنة “أرمون هنتسيف”، على أراضي جبل المكبر بإزالة 4 مبان تضم 65 وحدة استيطانية ، وإقامة برجين من 23 طابقاً ومبنى سكني من 10 طوابق ، بمجموع 250 وحدة استيطانية على أرض مساحتها 6.5 دونم تقريباً، على أن يشمل حوالى 1000 متر مربع لمراكز الرعاية النهارية ورياض الأطفال والمعابد اليهودية وتوسيع الطرق ، هذا الى جانب مشروع آخر على طريق الخليل – بيت لحم على أرض مساحتها حوالى 4 دونمات ببرج بارتفاع 28 طابقاً يضم حوالى 145 وحدة سكنية وواجهات تجارية ومؤسسات عامة يتم دمجها في المجمع السكني واستخدامها لرياض الأطفال والمعابد اليهودية ومشروع ثالث أيضا على طريق الخليل – بيت لحم تمت الموافقة على إيداع مخططه على مساحة إجمالية تبلغ حوالى 3.5 دونم، بمحاذاة الخط الأزرق المعتمد للقطار الخفيف يتضمن بناء 230 وحدة سكنية في برجين ، أحدهما مكون من 30 طابقاً والآخر مكون من 17 طابقاً وتوفير مساحة للمباني العامة يتم دمجها في المجمع السكني، واستخدامها لمراكز الرعاية النهارية والمعابد اليهودية .
وفي مسرحية استفزازية سخيفة ، تفقد وزير الجيش يواف غالانت منتصف الاسبوع الماضي أعمال توسيع معبر مزمورية الى الشرق من تجمع مستوطنات جوش عتصيون في محافظة بيت لحم لتسهيل الحركة من خلال ذلك المعبرغير المهيأ لمرور اعداد كبيرة من المركبات . ورافق الوزير كل من رئيس مجلس مستوطنات غوش عتصيون ورئيس مجلس ” يشع ” في الضفة الغربية شلومو نئمان ، الذي عرض أمام غالانت أعمال البناء التي تجريها السلطة الفلسطينية في المنطقة موضحا الأضرار التي لحقت بما أسماه ” صحراء يهودا ” والمحمية الطبيعية في المنطقة ” محمية الاتفاق ” والخطر الأمني المزعوم المتمثل في إنشاء مدينة فلسطينية ، من شأنها أن تحاصر المستوطنات الواقعة شرقي غوش عتصيون داخل جيب ، على حد زعمه . اوريت ستروك وزيرة المستوطنات عن حزب القوة اليهودية بزعامة ايتمار بن غفير ووزير الهجرة والاستيعاب أوفير سوفير ، عن حزب الصهيونية الدينية بزعامة بتسلئيل سموتريتش ، طالبا وزير الجيش كما الحكومة بوقف البناء الفلسطيني ليس فقط في المناطق المصنفة ( ج ) بل وكذلك المناطق المصنفة ( ب ) ووصفت ستروك المخاطر التي تنطوي على مواصلة البناء الهادف إلى إنشاء مدينة فلسطينية جديدة في المنطقة بخلاف ما هو متفق عليه في اتفاق أوسلو ، حيث تقرر الإبقاء على هذه المنطقة محمية متفق عليها . وحقيقة الامر أن هناك مبادرات يقوم بها مواطنون فلسطينيون من مناطق بيت لحم والقدس لبناء مساكن لهم لحل ضائقة الاسكان ، التي يعانون منها بسبب القيود الاسرائيلية الصارمة على البناء الفلسطيني ، وليس عن مدينة وفي المنطقة التي تم تسليمها للجانب الفلسطيني ضمن اتفاقية “واي ريفير” عام 1998 بقيود تنص على عدم البناء عليها . هنا يجدر التنويه أن المستوطنين يعملون بلا قيود ويقيمون المستوطنات والبؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ، خلافا لأهل البلاد ، الذين تفرض عليهم سلطات الاحتلال قيودا لا طاقة لهم بها ، فيلجأون لحل ضائقة السكن بأيديهم . بنيامين نتنياهو انضم الى جوقة التحريض والكذب ، التي يقودها شلومو نئمان ومن خلفه نواب ” القوة اليهودية ” و ” الصهيونية الدينية ” في الكنيست وممثليهم في الحكومة أمثال سموتريتش ، بن غفير ، ستروك وسوفير ، وقرر إجراء نقاش في الحكومة بشأن المدينة الفلسطينية المزعومة ، التي يجري بناؤها شرق ” غوش عتصيون ” . كما خص الوزير غالانت في جولته التفقدية تلك مستوطنة بيت أيل بزيارة ، حيث عرض رئيس مجلس المستوطنة شاي آلون أمامه احتياجات المستوطنة وعلى رأسها شق منفذ الى شارع 60 المؤدي إلى القدس وبناء 350 وحدة سكن بموازاة تنفيذ قرار إخلاء مباني الإدارة المدنية من المكان لصالح توسيع الاستيطان في تخوم مدينة البيرة وبلدة بيتين .
الكلمات المفتاحية: غزة, الأمم المتحدة, المستوطنين.