• الرئيسية
  • keyboard_arrow_right أخبار
  • keyboard_arrow_right من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل

أخبار

من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل

wesam 31 ديسمبر، 2025


Background
share close

غزة– إذاعة صوت الوطن 

كتب الصحفي من شمال قطاع غزة وعضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين وسام زغبر، مقالا في رأس السنة الميلادية بعنوان: «من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل».

وهذا نص المقال كاملاً:

في زمنٍ تتسارع فيه الخوارزميات، وتُدار فيه الحروب والاقتصادات عبر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، يبدو مشهد المنجّمين على شاشات الفضائيات العربية كأنه مفارقة فادحة، أو ارتداد ثقافي إلى ما قبل العلم، لكن الأخطر أنه ليس مجرد ترف تلفزيوني موسمي، بل ظاهرة إعلامية واجتماعية آخذة في الترسّخ.

مع كل رأس سنة ميلادية، تتسابق القنوات الفضائية على استضافة “خبراء الغيب”، يقدّمون أنفسهم بوصفهم عرّافين أو منجّمين، ويغرقون الشاشات بتوقعات عن كوارث طبيعية، أوبئة عالمية، حروب كبرى، اغتيالات، وسقوط أنظمة، بل وأحيانًا غرق دول بأكملها أو هجوم “كائنات غريبة” على كوكب الأرض. الغريب أن هذا يحدث في عصر بات فيه المستقبل يُستشرف عبر نماذج علمية، لا عبر الأبراج وقراءة النجوم.

السؤال الجوهري هنا ليس: ماذا يقول المنجّمون؟ بل: من يصنعهم؟ ومن يمنحهم هذه المنصّات؟

الإجابة المؤلمة أن جزءًا من المسؤولية تتحمّله وسائل الإعلام نفسها، التي تبحث عن نسب مشاهدة مرتفعة، ولو على حساب العقل، فتسوّق الخوف وتحوّله إلى مادة ترفيهية. المنجّم لم يعد ظاهرة هامشية، بل “منتجًا إعلاميًا” تُعاد صياغته وإخراجه بعناية، ليبدو كأنه مطّلع على أسرار كونية أو مرتبط بمراكز قرار خفية.

الخطورة الحقيقية لا تكمن فقط في فجاجة التنبؤات، بل في تعامل قطاعات واسعة من الجمهور معها بوصفها احتمالات واقعية، بل أحيانًا حقائق مؤجلة. هنا يتحوّل التنجيم من استعراض عبثي إلى أداة تضليل جماعي، تُغذّي القلق العام، وتزرع الخوف، وتُضعف الثقة بالعلم والمعرفة.

ولا يقل خطورة عن ذلك، انتشار سرديات تزعم ارتباط بعض المنجّمين بما يُسمّى “الماسونية” أو بدوائر صنع القرار الدولي. هذه المزاعم تمنحهم هالة نفوذ زائف، وتعيد إنتاج عقلية المؤامرة، التي تفسّر العالم لا بوصفه نتاج صراعات مصالح وقوانين سياسية واقتصادية، بل نتيجة أسرار غيبية تُدار في الظل. والنتيجة: وعي مأزوم، عاجز عن الفعل، ومشدود دائمًا إلى انتظار “القدر”.

اللافت – وربما الفاضح – هو انتقائية التنبؤات. فالمنجّمون يتنبؤون بكل شيء، إلا بالقضايا الجوهرية المرتبطة بحقوق الشعوب. لا نسمع توقعًا بتحرير فلسطين، أو بسقوط الاحتلال، أو بانهيار منظومة الهيمنة العالمية. لماذا؟

لأن التنجيم هنا ليس تمرّدًا على الواقع، بل انسجامًا معه. هو يغامر بالكوارث، لا بالثوابت السياسية. يتاجر بالخوف، لا بالأمل. يروّج للصدمة، لا للعدالة.

في عالم الذكاء الاصطناعي، لا يُقرأ المستقبل من مواقع النجوم، بل من اتجاهات العلم، والتحولات الاجتماعية، وصراع المصالح. والمجتمعات التي تسلّم عقلها للمنجّمين، إنما تتخلّى طوعًا عن قدرتها على الفهم والتغيير.

من هنا، يصبح النقاش حول هذه الظاهرة نقاشًا سياسيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا في آن واحد. مسؤولية الإعلام ليست فقط نقل ما يثير، بل ما يُنير. ومسؤولية النخب الثقافية ألا تترك الشاشات رهينة لمن يبيعون الوهم في زمن المعرفة.

فالمستقبل لا يُتنبأ به…

المستقبل يُصنع.

الكلمات المفتاحية: .

الخبر السابق
close

أخبار

«الديمقراطية» تهنئ شعبنا وشعوب العالم بحلول العام الجديد

wesam 31 ديسمبر، 2025

غزة– إذاعة صوت الوطن  أصدرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بياناً، هنأت فيه شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وكل شعوب العالم، بحلول العام الجديد 2026، متمنية للجميع الصحة والسلامة والسعادة والمستقبل […]

تفاصيل أكثر trending_flat