غزة– إذاعة صوت الوطن
تشهد الطاقة الشمسية طفرة عالمية غير مسبوقة بوصفها أحد أعمدة التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية. غير أن هذا التوسع السريع يضع العالم أمام تحدٍّ بيئي متزايد: تضخم نفايات الألواح الشمسية مع انتهاء عمرها الافتراضي الذي يتراوح بين 20 و30 عاماً، ما يهدد بتحويل قطاع الطاقة المتجددة إلى مصدر جديد للملوثات.
ومع تسارع تركيب الأنظمة الشمسية على أسطح المنازل والمنشآت الصناعية، تتجه كميات ضخمة من الألواح المستهلكة إلى مدافن النفايات، وهو ما يثير جدلاً واسعاً حول الاستدامة الفعلية لهذه الصناعة. هذا الواقع دفع المؤسسات العلمية حول العالم إلى تكثيف جهودها للبحث عن حلول مبتكرة تُطيل عمر الألواح وتقلل من نفاياتها، من خلال تطوير تقنيات إعادة التدوير، والتجديد، وإعادة الاستخدام.
وفي هذا السياق، كشفت جامعة جنوب أستراليا عن دراسة جديدة تقدّم مساراً عمليّاً لمعالجة التحديات التي تعرقل إعادة استخدام الألواح الشمسية بكفاءة، بما يعزز من استدامة قطاع الطاقة المتجددة. الدراسة المنشورة في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في دورية Sustainability تؤكد ضرورة الانتقال من نموذج «الاستخدام ثم التخلص» إلى اقتصاد شمسي دائري يُعيد إدماج المواد والمكوّنات في دورة الإنتاج.
من إعادة التدوير إلى إعادة الاستخدام: نموذج جديد لقطاع الطاقة
الباحثة الرئيسة للدراسة، الدكتورة إيشيكا تشيلار، توضح أن إعادة التدوير وحدها لا تكفي لمواجهة التزايد الحاد في النفايات الشمسية؛ فالتدوير يسترجع فقط جزءاً من المواد مثل الزجاج والألمنيوم والنحاس، بينما تبقى مواد أخرى معقدة وعالية الطاقة غير قابلة للاسترجاع الكامل. في المقابل، يتيح خيار إعادة الاستخدام إطالة العمر التشغيلي للألواح بعد اختبارها واعتمادها، ما يقلل الحاجة إلى تصنيع ألواح جديدة ويخفض الانبعاثات.
وتشير تشيلار إلى أن العقبات الأساسية ليست تقنية بل تنظيمية وسوقية، خصوصاً ما يتعلق بانعدام الثقة في أداء الألواح المستعملة. وتؤكد الحاجة إلى وضع إطار دولي موحد يشمل بروتوكولات اختبار واضحة، ونظام تصنيف بسيط وشفاف، إضافة إلى أدوات رقمية مثل رموز QR لتتبع تاريخ وصلاحية كل لوح.
وتقترح الدراسة نظام تصنيف ثلاثي لتعزيز ثقة السوق:
“ذهبي” للألواح ذات كفاءة 80٪ فأكثر، للاستخدام السكني.
“فضّي” للألواح بين 64 – 80٪، للمشاريع خارج الشبكة.
“برونزي” للأقل من 60٪، لإرسالها إلى إعادة التدوير.
وترى الباحثة أن تطبيق هذا النظام سيسهم في بناء سوق عالمي موثوق للألواح المستعملة، على غرار ما يحدث في سوق السيارات المستعملة.
تقنيات مبتكرة تعيد الحياة لنفايات الطاقة الشمسية
مع تعقيد المواد المستخدمة في تصنيع الألواح، طور باحثون حول العالم تقنيات جديدة لتسهيل إعادة التدوير واستعادة المواد القيّمة:
المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) – الولايات المتحدة:
يُطوّر تقنية تعتمد على سكين ساخن يفصل الزجاج عن الطبقات اللاصقة دون إتلافه، ما يقلل الانبعاثات ويخفض تكلفة التدوير.
الأكاديمية الصينية للعلوم:
ابتكرت أسلوباً يعتمد على مذيبات طبيعية مثل الليمونين لفصل الأغلفة البلاستيكية دون الإضرار بالخلايا الشمسية، في خطوة تُعد صديقة للبيئة وأكثر كفاءة.
وزارة الطاقة الأميركية – مكتب الطاقة المتجددة:
يعمل الباحثون على تنفيذ مبدأ “التصميم للتفكيك” عبر تصنيع ألواح تسهل إعادة تفكيكها مستقبلاً، ما يمكّن من استرجاع المواد عالية النقاء بسرعة وكفاءة.وتؤكد تشيلار أن إطالة عمر الألواح ستقلل الحاجة لاستخراج مواد جديدة وتخفض الانبعاثات، كما تُسهم في توفير طاقة ميسّرة للمجتمعات النائية وخلق فرص عمل في مجالات الفحص والصيانة.
وتختتم بالقول: «الألواح المستعملة ليست نفايات… بل موارد يمكن أن تضيء مستقبلاً جديداً إذا أحسنا إدارتها».
الكلمات المفتاحية: غزة, النفايات, الطاقة الشمسية, الاقتصاد الشمسي.