تزداد يوميا فظاعة القصف والتدمير الإسرائيلي لمناطق “الخط الأصفر“، مع استمرار قوات الاحتلال في تنفيذ مخطط التدمير الكامل لتلك المناطق، وسجل من جديد عمليات قصف جوي ونسف للعديد من المباني في مناطق متفرقة في قطاع غزة، في وقت أكدت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” أن الأوضاع الإنسانية في القطاع لا تزال صعبة، وحذرت من “كارثة كبيرة”.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، عن استقبال مشافي القطاع، 3 شهداء انتشال، و4 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية، وذكرت أنه منذ وقف إطلاق النار يوم 11 أكتوبر الماضي، ارتقى 245 شهيدًا و627 إصابة، فيما جرى انتشال 532 شهيدًا، لترتقع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 69,185 شهيدًا و170,698 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.
هجمات عنيفة
وفي السياق، تمكنت فرق الدفاع المدني من انتشال رفات شهيد من الحي الياباني في مدينة خان يونس، وقامت بنقلها إلى مجمع ناصر الطبي.
وذكرت مصادر محلية أن الطائرات الحربية النفاذة شنت عدة غارات على بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وهي مناطق تقع داخل ما يعرف ب، “الخط الأصفر”، وترافق ذلك مع عمليات تحليق كبيرة للطيران الاستطلاعي والحربي فوق أجواء تلك المنطقة.
كما سجل عمليات قصف مدفعي حيث سمعت أصوات انفجارات عدة في المناطق الحدودية الشرقية لمدينة غزة، وتحديدا على أطراف حي الشجاعية، وهو أمر مماثل لما شهدته أطراف وسط قطاع غزة الشرقية.
أما في مدينة خان يونس جنوب القطاع، فسجل قيام جيش الاحتلال بعمليات نسف كبيرة، طالت العديد من البلدات والأحياء الواقعة في المنطقة الشرقية.
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، عملية نسف شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، مستهدفا مناطق محاذية للخط الفاصل.
وذكر مواطنون من المدينة أن أصوات الانفجارات هزت مناطق كثيرة، فيما حلق الطيران الحربي بكثافة فوق تلك المناطق، التي يحرم الاحتلال السكان من الاقتراب منها.
وهاجمت كذلك الزوارق الحربية الإسرائيلية بنيرانها الرشاشة الثقيلة، مناطق ساحلية تقع جنوب قطاع غزة، رغم وجود أعداد كبيرة من النازحين يقيمون في تلك المناطق.
تدمير خطير للمباني
وفي السياق، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريرا، استند إلى صور الأقمار الصناعية المتوفرة لديها، أشار إلى تدمير إسرائيل أكثر من 1500 مبنى في مناطق غزة، التي ظلت تحت سيطرتها منذ بدء وقف إطلاق النار مع حماس في 10 أكتوبر.
وتُظهر الصور الجديدة التي التقطت أحدثها في الثامن من نوفمبر أن أحياء بأكملها خاضعة لسيطرة قوات الجيش الإسرائيلية “سُوّيت بالأرض” في أقل من شهر، من خلال عمليات الهدم، ولفت التقرير إلى أن العدد الفعلي للمنازل المدمرة قد يكون أعلى بكثير، حيث أن صور الأقمار الصناعية لبعض المناطق غير متاحة.
وحسب تحليل صور الأقمار الصناعية، فإن إلى جانب المنازل سويت البساتين والحدائق بالأرض.
صور أقمار صناعية تظهر نسف إسرائيل أكثر من 1500 منزل جديد في غزة بعد التهدئة
تجدر الإشارة إلى أن التدمير الواسع يعود لمخطط إسرائيلي خطير يريد إفراغ المنطقة الواقعة ضمن “الخط الأصفر” من التي تقدر مساحتها بـ53% من مساحة قطاع غزة الإجمالية، من أي مباني، من أجل تشكيلها لاحقا حسب المصلحة الإسرائيلية.
ويستمر التدمير الإسرائيلي الواسع لتلك المنطقة، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء بناء على مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ينص على وقف جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي، لكن رغم ذلك لم تلتزم قوات الاحتلال ببنود هذا الاتفاق كاملا، ولا تزال تبقي الكثير من القيود على حركة البضائع والمساعدات، في ظل تحكمها في تشغيل المعابر التي ترتبط مع غزة بشكل ضيق.
وقد أجبرت قوات الاحتلال جميع سكان تلك المناطق التي تواصل التدمير فيها، على الاستمرار في النزوح القسري، حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ويعيش هؤلاء ظروف غاية في الصعوبة هم وأصحاب المنازل المدمرة في المناطق الأخرى، حيث يضطرون للسكن في مراكز إيواء ومناطق تجمعات الخيام التي تفتقر لجميع الاحتياجات الإنسانية الضرورية، وأغلبهم يقطن في هذا الوقت في خيام مهترئة، رغم اقتراب موسم أمطار الشتاء، التي تحذر الجهات المختصة من غرق العديد من مناطق القطاع، والدخول إلى الخيام الممزقة.
إيواء النازحين
وفي إطار العمل على تخفيف أزمة النازحين، شرعت عدة جهات إغاثية بتقديم خدمات عاجلة، حيث تقوم اللجنة المصرية في هذا الوقت، بعمل مخيم كبير من الخيام، لاستيعاب عدد كبير من العائلات في منطقة “نتساريم” الفاصلة بين مدينة غزة ووسط القطاع، حيث يدور الحديث عن تجهيز 15 ألف خيمة في تلك المنطقة، مشمولة بتكايا طعام ونقاط للمخابز وعيادات طبية.
وهذا يعد أكبر مخيم إيواء للنازحين في قطاع غزة، ومن المقرر أن يستوعب عشرات آلاف من النازحين، ويأتي ذلك في إطار التدخلات والدعم المصري لإغاثة قطاع غزة.
وكانت قطر أعلنت عن إدخال خيام للنازحين خلال الأيام الماضية، من أجل المساهمة في حل أزمة أمطاء الشتاء.
وفي هذا السياق، أعلنت إسرائيل، عن فتح معبر “زيكيم” شمال قطاع غزة، لإدخال شاحنات مساعدات إلى القطاع، وذكرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، أن هذه المساعدات ستنقلها الأمم المتحدة ومنظمات دولية عقب إجراء عمليات تفتيش أمنية دقيقة.
وكانت العديد من الجهات الدولية طالبت بتوسيع فتح المعابر المرتبطة بغزة، من أجل إدخال أكبر قدر من المساعدات للسكان، وحددت اسم معبر “زكيم” من أجل إدخال المساعدات القادمة من الأردن، وقد ظلت إسرائيل طوال الفترة الماضية ترفض الإصغاء لهذه المطالبات، وتبقي على دخول كميات قليلة من المساعدات، قدر حجمها بربع تلك الكميات التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار، حيث كان يتطلب من إسرائيل السماح بإدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا.
وقد كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أكد قبل أيام أن هناك عوامل متعددة لا تزال تعرقل جهود زيادة المساعدات بعد شهر من وقف إطلاق النار في غزة، من بينها الروتين الإداري واستمرار حظر عمل الشركاء الإنسانيين الرئيسيين وقلة المعابر والطرق واستمرار حالة انعدام الأمن.
“الأونروا”: الوضع خطير
من جهته قال المستشار الإعلامي لوكالة “الأونروا” عدنان أبو حسنة، إنه حتى الآن لم تدخل أي مساعدات إلى غزة عبر معبر “زيكيم”، فيما هناك مئات الأصناف من المساعدات لا يسمح الاحتلال بإدخالها إلى قطاع غزة.
وفي تصريحات حذر أبو حسنة من “كارثة كبيرة”، حال لم يسمح الاحتلال بإدخال الخيام ومعدات الإيواء، وأكد في ذات الوقت أن 90% من سكان قطاع غزة يعانون من مستويات مختلفة من “سوء التغذية”.
ولا تزال إسرائيل تمنع “الأونروا” من إدخال كميات كبيرة من المساعدات تكفي سكان القطاع لثلاثة أشهر، في إطار الخطة الرامية لتفكيك هذه المنظمة الأممية أو استبدالها.
لكن “الأونروا” لا تزال تواصل عملها داخل القطاع، من خلال تقديم الخدمات التعليمية والصحة والاجتماعية، ويقول أبو حسنة وهو يرد على خطط تفكيك منظمته الأممية “تفكيك الأونروا، يعني حرمان ملايين اللاجئين الفلسطينيين من خدمات الصحة والتعليم والإغاثة”، محذرا من أن “تصفية الأونروا، يعني فتح الباب على مصراعيه أمام التطرف والتهميش، ما سيكون له نتائج خطيرة في المنطقة”.
وأكد أبو حسنة في ذات الوقت أن “الأونروا هي عامل مهم للاستقرار الإقليمي والمنطقة كلها ستدفع ثمن محاولات تصفيتها”.
وفي السياق، أكد توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، أن الأمم المتحدة وشركاءها “يغتنمون كل فرصة سانحة لإنقاذ الأرواح” في غزة، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار شهره الثاني.
وقال توم فليتشر إن العمليات الإنسانية تشمل، تقديم الغذاء لأكثر من مليون شخص، وإعادة فتح مواقع التغذية واستئناف حملات التطعيم الحيوية، وإصلاح خطوط المياه وإعادة المستشفيات للعمل، وتوزيع الملابس الشتوية والبطانيات وتقديم خدمات الدعم النفسي، لكنه مع ذلك، أكد أن “العديد من العقبات” لا تزال قائمة، بما فيها العقبات البيروقراطية، والحاجة لتمكين المنظمات الشريكة وفتح المزيد من المعابر والمسارات، والتعامل مع استمرار حالة انعدام الأمن.
وقال “في وسعنا أن ننجز أكثر من ذلك بكثير من أجل إنقاذ المزيد من الأرواح عند التخفيف من هذه القيود”.
الكلمات المفتاحية: والأونروا, الأوضاع, كارثية 90%, يعانون سوء, التغذية, غزة, تدمير, خطير خلف, “الخط الأصفر”.